للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاتِحَةِ، لِتَرْكِهِ حَرْفًا مِنْهَا ; لِأَنَّ الْحَرْفَ الْمُشَدَّدَ أُقِيمَ مَقَامَ حَرْفَيْنِ، هَذَا إذَا فَاتَ مَحَلُّهَا وَبَعُدَ عَنْهُ، بِحَيْثُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَعَادَ الْكَلِمَةَ أَجْزَأَ ذَلِكَ، كَمَنْ نَطَقَ بِالْكَلِمَةِ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ، ثُمَّ أَتَى بِهَا عَلَى وَجْهِهِ.

وَإِنْ لَيَّنَهَا وَلَمْ يُحَقِّقْهَا عَلَى الْكَمَالِ، فَلَا إعَادَةَ (أَوْ) تَرَكَ (تَرْتِيبَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا ; لِأَنَّ تَرْكَ التَّرْتِيبِ مُخِلٌّ بِالْإِعْجَازِ (أَوْ قَطَعَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةَ (غَيْرُ مَأْمُومٍ) بِأَنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا (بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ) عُرْفًا (أَوْ) ب (ذِكْرٍ كَثِيرٍ أَوْ دُعَاءٍ) كَثِيرٍ، غَيْرِ مَشْرُوعٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا ; لِقَطْعِهِ مُوَالَاتَهَا (أَوْ) قَطَعَهَا غَيْرُ مَأْمُومٍ ب (قُرْآنٍ كَثِيرٍ) عُرْفًا (لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا) أَيْ أَنْ يَبْتَدِئَهَا مِنْ أَوَّلِهَا (إنْ تَعَمَّدَ) الْقَطْعَ الْمُبْطِلَ،

فَلَوْ كَانَ سَهْوًا عُفِيَ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَوْ سَكَتَ كَثِيرًا نِسْيَانًا أَوْ نَوْمًا أَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهَا غَلَطًا، فَطَالَ. بَنَى عَلَى مَا قَرَأَ مِنْهَا (وَكَانَ) الْقَطْعُ (غَيْرَ مَشْرُوعٍ) فَإِنْ كَانَ مَشْرُوعًا، كَسُكُوتِهِ لِاسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ هُوَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَكَسُجُودٍ لِتِلَاوَةٍ وَسُؤَالِهِ الرَّحْمَةَ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ، وَتَعَوُّذٍ عِنْدَ آيَةِ عَذَابٍ، وَلَوْ كَثِيرًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْرَاضٍ، وَلَا يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِنِيَّةِ قَطْعِهَا فِي أَثْنَائِهَا مُطْلَقًا (فَإِذَا فَرَغَ) مِنْ الْفَاتِحَةِ (قَالَ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ، لِيُعْلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا هِيَ طَابِعُ الدُّعَاءِ (آمِينَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعَ الْمَدِّ، فِي الْأَشْهَرِ،

وَيَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْإِمَالَةُ. وَهِيَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْفَتْحِ كَلَيْتَ، وَتُسَكَّنُ عِنْدَ الْوَقْفِ (وَحَرُمَ وَبَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (إنْ شَدَّدَ مِيمَهَا) ; لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا، فَيُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ حَكَاهُ لُغَةً فِيهَا (وَيَجْهَرُ بِهَا) أَيْ آمِينَ (إمَامٌ وَمَأْمُومٌ مَعًا) اسْتِحْبَابًا ; لِقَوْلِ عَطَاءٍ " كُنْتُ أَسْمَعُ الْأَئِمَّةَ: ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ: آمِينَ، وَمَنْ خَلْفَهُمْ آمِينَ، حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً " رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ.

وَاللَّجَّةُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ: اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ: آمِينَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتَّأْمِينُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَا لِلْمَأْمُومِ، فَلِذَلِكَ تَبِعَهُ فِي الْجَهْرِ، وَلِهَذَا يَجْهَرُ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّأْمِينِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ،

صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (وَيَجْهَرُ بِهَا غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>