تَبَعًا لَهَا (فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ التَّأْمِينَ (إمَامٌ) فِي جَهْرِيَّةٍ (أَوْ أَسَرَّهُ) الْإِمَامُ فِيهَا (أَتَى بِهِ مَأْمُومٌ جَهْرًا) ; لِأَنَّ جَهْرَ الْمَأْمُومِ بِهِ سُنَّةٌ. فَلَا يَسْقُطُ بِتَرْكِ الْإِمَامِ لَهُ، كَتَرْكِهِ التَّعَوُّذَ ; وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَهُ الْإِمَامُ فَيَجْهَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ لِيُذَكِّرَهُ، فَيَأْتِي بِهِ. فَإِنْ زَادَ عَلَى آمِينَ: رَبَّ الْعَالَمِينَ،
فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ: لَا يُسْتَحَبُّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّكْبِيرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي (وَيَلْزَمُ جَاهِلًا) أَيْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ (تَعَلُّمُهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ، لِيَحْفَظَهَا كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَا (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ تَعَلُّمِهِمَا أَوْ عَجَزَ عَنْهُ سَقَطَ لُزُومُهُ.
وَ (لَزِمَهُ قِرَاءَةُ قَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (فِي الْحُرُوفِ) عَدَدًا (وَ) فِي (الْآيَاتِ) مِنْ أَيْ سُورَةٍ شَاءَ مِنْ الْقُرْآنِ، لِمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْهُ» (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا آيَةً) مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا (كَرَّرَهَا) أَيْ الْآيَةَ (بِقَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ ; لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْفَاتِحَةِ فَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ.
وَإِنْ أَحْسَنَ آيَةً فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِهَا، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا بَعْضَ آيَةٍ لَمْ يُكَرِّرْهُ، وَعَدَلَ إلَى الذِّكْرِ الْآتِي (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قُرْآنًا) أَيْ آيَةً مِنْهُ (حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ) أَيْ تَعْبِيرُهُ عَنْهُ بِلُغَةٍ أُخْرَى ; لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ عَنْهُ تَفْسِيرٌ لَا قُرْآنٌ، فَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] فَالْإِنْذَارُ مَعَ التَّرْجَمَةِ يَحْصُلُ بِالْمُفَسَّرِ الَّذِي هُوَ الْقُرْآنُ لَا بِالتَّفْسِيرِ (وَلَزِمَ) مَنْ لَا يُحْسِنُ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) لِحَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ رَجُلًا الصَّلَاةَ، فَقَالَ: إنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْهُ، وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَنُقْصَانُ الْبَدَلِ عَنْ الْمُبْدَلِ فِي الْقَدَرِ إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُمَا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، كَالتَّيَمُّمِ، وَمَسْحِ الْخُفِّ (فَإِنْ) لَمْ يَعْرِفْ هَذَا الذِّكْرَ كُلَّهُ، بَلْ (عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضَ (بِقَدْرِهِ) كَمَنْ عَرَفَ آيَةً فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْ الذِّكْرِ (وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ; لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ الْأَخْرَسُ أَوْ النَّاطِقُ وَقَرَأَ قَاعِدًا، لَمْ تُجْزِئْهُ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ
وَلِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَأَمَّا مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَسُقُوطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute