أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ
(وَكُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (إذَا) أَيْ: مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ لَهُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا " «مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ» " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا " «إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي هَذَا الْعَمَلَ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلَا أَحَدًا حَرِيصًا عَلَيْهِ» " (وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ) أَيْ: الْقَضَاءِ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى مَنْ بُذِلَ لَهُ الْمَالُ فِي الْقَضَاءِ (أَخْذُهُ) وَهُوَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ.
(وَ) يَحْرُمُ (طَلَبُهُ) أَيْ: الْقَضَاءِ (وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ) أَيْ: صَالِحٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَهْلًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ لِلْمُبَاشِرِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرُهُ أَهْلًا جَازَ لِلْأَهْلِ طَلَبُهُ بِلَا مَالٍ وَيَحْرُمُ الدُّخُولُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُهُ وَلَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُهُ وَالشَّفَاعَةُ لَهُ وَإِعَانَتُهُ عَلَى التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ
(وَتَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَفْضُولٍ) مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ يُوَلَّى مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَاشْتُهِرَ وَتَكَرَّرَ وَلَمْ يُنْكَرْ.
(وَ) تَصِحُّ تَوْلِيَةُ (حَرِيصٍ عَلَيْهَا) بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِ لَكِنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ
(وَ) يَصِحُّ (تَعْلِيقُ وِلَايَةِ قَضَاءٍ) وَتَعْلِيقُ وِلَايَةِ (إمَارَةِ) بَلَدٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ (بِشَرْطٍ) نَحْوِ قَوْلِ الْإِمَامِ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ الْقَاضِي أَوْ الْأَمِيرُ فَفُلَانٌ عِوَضُهُ لِحَدِيثِ " «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ»
(وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا) أَيْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ (كَوْنُهَا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ) أَيْ: الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَلَا يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (وَأَنْ يَعْرِفَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِي الْقَضَاءِ (أَنَّ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ (صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ) لِأَنَّ الْجَهْلَ بِصَلَاحِيَتِهِ كَالْعِلْمِ بِعَدَمِهَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ سَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ (وَتَعَيَّنَ مَا يُوَلِّيه) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِي الْقَضَاءِ (الْحُكْمَ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ) أَيْ: مَا يَجْمَعُ بِلَادًا أَوْ قُرًى مُتَفَرِّقَةً كَمِصْرِ وَنَوَاحِيهَا وَبَلَدًا كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِيَعْلَمَ مَحَلَّ وِلَايَتِهِ فَيَحْكُمَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَبَعَثَ عُمَرُ فِي كُلِّ مِصْرٍ قَاضِيًا وَالِيًا (وَمُشَافَهَتُهُ بِهَا) أَيْ: الْوِلَايَةِ إنْ كَانَ بِمَجْلِسِهِ (أَوْ مُكَاتَبَتُهُ) بِالْوِلَايَةِ إنْ كَانَ غَائِبًا كَالْوَكَالَةِ فَيَكْتُبُ لَهُ الْإِمَامُ عَهْدًا بِمَا وَلَّاهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ لِلْيَمَنِ وَكَتَبَ عُمَرُ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي قَدْ بَعَثْت إلَيْكُمْ عَمَّارًا أَمِيرًا وَعَبْدَ اللَّهِ قَاضِيًا فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَأَطِيعُوا (وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِمَا) أَيْ: التَّوْلِيَةِ إنْ بَعُدَ مَا وَلَّاهُ فِيهِ عَنْ بَلَدِ الْإِمَامِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَيَكْتُبُ الْعَهْدَ وَيَقْرَأُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute