للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ، وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الرُّكُوعِ فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ مَعَ الْأَبْلَغِ، وَالْمُطْلَقُ مَعَ الْمُطْلَقِ. وَالْوَاجِبُ مِنْ التَّسْبِيحِ مَرَّةً لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا فِيمَا سَبَقَ.

وَسُنَّ تَكْرِيرُهُ (ثَلَاثًا) فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ (وَهُوَ) أَيْ التَّكْرَارُ ثَلَاثًا (أَدْنَى الْكَمَالِ) لِحَدِيثِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ. وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ.

كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، لِأَنَّ عَوْنًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، لَكِنْ عَضَّدَهُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ وَفَتْوَى أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ (وَأَعْلَاهُ) أَيْ الْكَمَالِ فِي التَّسْبِيحِ (لِإِمَامٍ عَشْرُ) مَرَّاتٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يُصَلِّي كَصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَزَرُوا ذَلِكَ بِعَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ " (وَ) أَعْلَى الْكَمَالِ (الْمُنْفَرِدِ الْعُرْفُ) أَيْ الْمُتَعَارَفُ فِي مَوْضِعِهِ،

وَسَكَتَ عَنْ مَأْمُومٍ ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ (وَكَذَا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي سُجُودٍ) فَحُكْمُهُ كَتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ فِيمَا يَجِبُ وَأَدْنَى الْكَمَالِ وَأَعْلَاهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْكَمَالُ فِي) قَوْلِ مُصَلٍّ (رَبِّ اغْفِرْ لِي، بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: ثَلَاثَ) مَرَّاتٍ إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا (فِي غَيْرِ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْكُلِّ) أَيْ تَسْبِيحُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَرَبِّ اغْفِرْ لِي، لِاسْتِحْبَابِ التَّطْوِيلِ الزَّائِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهَا.

وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَ يَدَيْهِ) إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ، فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، صَلَّى قَائِمًا أَوْ جَالِسًا، وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ. حَيْثُ شَرَعَ (قَائِلًا، إمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، مُرَتَّبًا وُجُوبًا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» . قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ أَخَذَ فِي رَفْعِ رَأْسِهِ كَقَوْلِهِ " إذَا كَبَّرَ " أَيْ أَخَذَ فِي التَّكْبِيرِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ رَفْعِ الْمَأْمُومِ، فَكَانَ مَحَلَّ رَفْعِ الْإِمَامِ، كَالرُّكُوعِ. وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ: قَوْلُ مَنْ تَقَدَّمَ ذَكَرَهُمْ فِي رَفْعِهِمَا عِنْدَ الرُّكُوعِ.

وَيَدُلُّ لِوُجُوبِ التَّسْمِيعِ عَلَى غَيْرِ مَأْمُومٍ: حَدِيثُ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. فَقَسَمَ الذِّكْرَ بَيْنَهُمَا، وَالْقِسْمَةُ تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ. وَمَعْنَى " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " أَيْ تَقَبَّلَهُ وَجَازَاهُ عَلَيْهِ،

فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>