للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَكَّسَ التَّسْمِيعَ فَقَالَ: لِمَنْ حَمِدَهُ سَمِعَ اللَّهُ لَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَوْ نَكَّسَ التَّكْبِيرَ، وَلِتَغْيِيرِ الْمَعْنَى لِأَنَّ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: خَبَرٌ، مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ، فَإِذَا نُكِّسَتْ صَارَتْ صِيغَةَ شَرْطٍ لَا تَصِحُّ لِلدُّعَاءِ (ثُمَّ) بَعْدَ رَفْعٍ مِنْ الرُّكُوعِ (إنْ شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا) بِجَانِبَيْهِ، فَيُخَيَّرُ نَصًّا (فَإِذَا قَامَ) أَيْ اسْتَوَى قَائِمًا حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عُضْوٍ إلَى مَوْضِعِهِ

لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى قَائِمًا، حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ " (قَالَ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ كَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِ، مِمَّا لَا يَعْلَمُ سَعَتَهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ.

وَإِثْبَاتُ وَاوِ " وَلَك " أَفْضَلُ نَصًّا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ حُرُوفًا وَيَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ مُقَدَّرًا وَمُظْهَرًا، أَيْ رَبَّنَا حَمِدْنَاك وَلَك الْحَمْدُ إذْ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ، وَلَا مَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ، فَيُقَدَّرُ " مِلْءُ " يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ، وَرَفْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ.

وَالْمَعْرُوفُ فِي الْأَخْبَارِ " السَّمَوَاتُ " لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: بِالْإِفْرَادِ، وَلَهُ قَوْلُ " اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " وَبِلَا وَاوٍ أَفْضَلُ. وَإِنْ عَطَسَ فِي رَفْعِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ لَهُمَا لَمْ يُجْزِهِ نَصًّا. وَصَحَّحَ الْمُوَفَّقُ الْإِجْزَاءَ، كَمَا لَوْ قَالَهُ ذَاهِلًا، وَإِنْ نَوَى أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ، وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْآخَرِ.

وَكَذَا لَوْ عَطَسَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ (وَيُحَمِّدُ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ (فَقَطْ) فَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ (مَأْمُومٌ، وَيَأْتِي بِهِ فِي رَفْعِهِ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

فَاقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِمْ بِقَوْلِهِ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَعُ لَهُمْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالتَّنْقِيحِ: لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ عَلَى قَوْلِ " وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " وَصَحَّحَ فِي الْإِنْصَافِ، تَبَعًا لِلْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا: اسْتِحْبَابَ زِيَادَةِ " أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ: لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ " وَغَيْرُهُ مِمَّا صَحَّ،

وَمَنْ أَرَادَ رُكُوعًا فَسَقَطَ إلَى الْأَرْضِ قَامَ فَرَكَعَ وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ عَادَ إلَيْهِ لِيَطْمَئِنَّ، وَلَا يَلْزَمُهُ ابْتِدَاؤُهُ عَنْ انْتِصَابٍ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ، وَإِنْ رَكَعَ وَاطْمَأَنَّ، ثُمَّ سَقَطَ انْتَصَبَ قَائِمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>