للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَالٍ وَرَهْنٍ وَجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (حَتَّى) فِي (مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ كَقَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا) كَنَسَبٍ وَنِكَاحٍ وَتَوْكِيلٍ وَإِيصَاءٍ فِي غَيْرِ مَالٍ وَحَدِّ قَذْفٍ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ آدَمِيٌّ لَا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَ (لَا) يُقْبَلُ (فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَ) حَدِّ (شُرْبٍ) مُسْكِرٍ ; لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى السَّتْرِ، وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا (وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ كَوْنِهِ يُقْبَلُ فِي غَيْرِ حَدٍّ لَلَهُ تَعَالَى (ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي) إلَى الْقَاضِي (حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةُ) الْقَاضِي (عَلَى شَهَادَةِ) مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ.

(وَذَكَرُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ (أَنَّهُ أَصْلٌ) لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ (وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ) لَهُ (فَلَا يَسُوغُ نَقْضُ حُكْمٍ مَكْتُوبٍ إلَيْهِ بِإِنْكَارِ) الْقَاضِي (الْكَاتِبِ) كِتَابَهُ، (وَلَا يَقْدَحُ) إنْكَارُهُ (فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ) كَإِنْكَارِ شُهُودِ الْأَصْلِ بَعْدَ الْحُكْمِ (بَلْ يَمْنَعُ إنْكَارُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِكِتَابَةٍ (الْحُكْمَ) مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إذَا أَنْكَرَهُ قَبْلَ حُكْمِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (كَمَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الْحُكْمَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ) قَبْلَ الْحُكْمِ، (فَدَلَّ) مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ (فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَأَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) ، وَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا (أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ أَصْلًا لِفَرْعٍ) آخَرَ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَيُقْبَلُ) كِتَابُ الْقَاضِي (فِيمَا حَكَمَ بِهِ) الْكَاتِبُ (لِيُنْفِذَهُ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، (وَإِنْ كَانَا) أَيْ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (بِبَلَدٍ وَاحِدٍ) ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يَجِبُ إمْضَاؤُهُ بِكُلِّ حَالٍ.

وَ (لَا) يُقْبَلُ (فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) أَيْ الْكَاتِبِ (لِيَحْكُمَ بِهِ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ ; لِأَنَّهُ تَقَبُّلُ شَهَادَةٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.

(وَلَا) يُقْبَلُ (إذَا سَمِعَ) الْكَاتِبُ (الْبَيِّنَةَ وَجَعَلَ تَعْدِيلَهَا إلَى الْآخَرِ) الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ) ، فَيَجُوزُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ بَلْ خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ كَشَهَادَةِ الْفَرْعِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ يَتَضَمَّنُ إلْزَامًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ لَا يَرَى جَوَازَ الْحُكْمِ بِهِ ; لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِخَبَرٍ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَالَ: وَلِلْحَاكِمِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ ذَلِكَ الثُّبُوتُ الْحُكْمُ بِهِ إذَا كَانَ يَرَى صِحَّتَهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ لَوْ أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>