عَلَى الْخَطِّ، فَإِنْ حَكَمَ لِلْخِلَافِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنْفِذَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قَالَ ثَبَتَ هَكَذَا فَكَذَلِكَ ; لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا نَفَّذَهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي قُرْبِ الْمَسَافَةِ، وَقَالَ: وَلِلْحَاكِمِ الْحَنْبَلِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ.
(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ (أَنْ يَكْتُبَ إلَى) قَاضٍ (مُعَيَّنٍ وَ) أَنْ يَكْتُبَ (إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ) الْكِتَابُ (مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ) وَحُكَّامِهِمْ بِلَا تَعْيِينٍ، وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ قَبُولُهُ ; لِأَنَّهُ كِتَابُ حَاكِمٍ مِنْ وِلَايَتِهِ وَصَلَ إلَى حَاكِمٍ فَلَزِمَ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ
(وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ) أَيْ كِتَابِ الْقَاضِي وَالْعَمَلِ بِهِ، (أَنْ يَقْرَأَ) الْكِتَابَ (عَلَى عَدْلَيْنِ وَيَعْتَبِرَ ضَبْطَهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ) مِنْهُ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ نَصًّا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (ثُمَّ يَقُولَ) الْقَاضِي لِلْكَاتِبِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا: (هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ) أَوْ إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ (وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ الْمَقْرُوءِ عَلَيْهِمَا، (فَإِذَا وَصَلَا) بِالْكِتَابِ إلَى عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (دَفَعَاهُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْكِتَابَ (كِتَابُ) الْقَاضِي (فُلَانٍ إلَيْكَ كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ) وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَتَعْيِينُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ كَتَعْيِينِ شُهُودِ الْأَصْلِ أَيْ: فَيُشْتَرَطُ (وَالِاحْتِيَاطُ خَتْمُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمَا) صَوْنًا لِمَا فِيهِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) الْخَتْمُ ; لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَا عَلَى الْخَتْمِ. وَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا إلَى قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا غَيْرَ مَخْتُومٍ فَاتَّخَذَ الْخَاتَمَ، وَاقْتِصَارُهُ أَوَّلًا عَلَى الْكِتَابِ دُونَ الْخَتْمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِيَقْرَأَ كِتَابَهُ، (وَلَا) يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ (وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَى الظَّاهِرِ، (وَلَا قَوْلُ كَاتِبٍ: اشْهَدَا عَلَيَّ) بِمَا فِيهِ كَسَائِرِ مَا يَتَحَمَّلُ بِهِ الشَّهَادَةَ، (وَإِنْ أَشْهَدَهُمَا) أَيْ: الْعَدْلَيْنِ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْكِتَابِ (مَدْرُوجًا مَخْتُومًا لَمْ يَصِحَّ) ; لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِالشَّهَادَةِ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَار فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ كَإِثْبَاتِ الْعُقُودِ ; وَلِأَنَّ الْخَطَّ يَشْتَبِهُ وَكَذَا الْخَتْمُ فَيُمْكِنُ التَّزْوِيرُ عَلَيْهِ
(وَكِتَابُهُ) أَيْ الْقَاضِي (فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ) كِتَابُهُ (بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ) بِغَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ
(وَيُقْبَلُ كِتَابُهُ) أَيْ الْقَاضِي (فِي حَيَوَانٍ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بِهَا) أَيْ الصِّفَةِ ; لِأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute