(قَوْلُ مُدْخِلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ (بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقَبْرِ فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِنْ قَرَأَ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: ٥٥] " أَوْ أَتَى بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ لَائِقٍ عِنْدَ وَضْعِهِ وَإِلْحَادِهِ فَلَا بَأْسَ.
(وَ) سُنَّ (أَنْ يُلْحِدَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّائِمَ وَهَذِهِ سُنَّةُ النَّوْمِ.
(وَ) يُسَنُّ أَنْ يُجْعَلَ (تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً) فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَحَجَرٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَلِيلٌ مِنْ تُرَابٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمِخَدَّةَ لِلنَّائِمِ وَلِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ، وَلَا يُجْعَلُ آجُرَّةً، لِأَنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ.
وَيُزَالُ الْكَفَنُ عَنْ خَدِّهِ. وَيُلْصَقُ بِالْأَرْضِ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِكَانَةِ. قَالَ عُمَرُ " إذَا أَنَا مِتَّ فَأَفْضُوا بِخَدِّي إلَى الْأَرْضِ " (وَتُكْرَهُ مِخَدَّةٌ) تُجْعَلُ تَحْتَ الرَّأْسِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ (وَ) تُكْرَهُ (مِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ " ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى " لَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا " وَالْقَطِيفَةُ الَّتِي وُضِعَتْ تَحْتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا وَضَعَهَا شُقْرَانُ.
وَلَمْ يَكُنْ عَنْ اتِّفَاقٍ مِنْ الصَّحَابَةِ (أَوْ) أَيْ يُكْرَهُ (أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (حَدِيدٌ) وَنَحْوُهُ (وَلَوْ أَنَّ الْأَرْضَ رَخْوَةٌ) تَفَاؤُلًا بِأَنْ لَا يُصِيبَهُ عَذَابٌ، لِأَنَّهُ آلَتُهُ (وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (الْقِبْلَةُ) «لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» وَلِأَنَّهُ طَرِيقَةُ الْمُسْلِمِينَ بِنَقْلِ الْخَلَفِ عَنْ السَّلَفِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْنَى مِنْ الْحَائِطِ لِئَلَّا يَنْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ. وَأَنْ يُسْنَدَ مِنْ وَرَائِهِ بِتُرَابٍ، لِئَلَّا يَنْقَلِبَ. وَيَتَعَاهَدُ خِلَالَ اللَّبِنِ بِسَدِّهِ بِالْمَدَرِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يُطَيَّنُ فَوْقَهُ، لِئَلَّا يُنْتَخَلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ (وَيُسَنُّ حَثْوُ التُّرَابِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (ثَلَاثًا بِالْيَدِ ثُمَّ يُهَالُ) عَلَيْهِ التُّرَابُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِيهِ «فَحُثِيَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَى مَعْنَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَادَ " وَهُوَ قَائِمٌ ".
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيُوضَعُ فَوْقَهُ جِبَالٌ مِنْ تُرَابٍ، أَوْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ.
(وَ) سُنَّ (تَلْقِينُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute