«إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمْك اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ. فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، فَإِنَّ نَكِيرًا وَمُنْكَرًا يَقُولَانِ: مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَهُ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ؟ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ» ،
وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُكَلَّفِ.
(وَ) سُنَّ (الدُّعَاءُ) لَهُ أَيْ الْمَيِّتِ (بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ) نَصًّا فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ جَالِسًا وَاسْتَحَبَّ الْأَصْحَابُ وُقُوفَهُ (وَ) سُنَّ (رَشُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ (بِمَاءٍ) بَعْدَ وَضْعِ الْحَصْبَاءِ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ مَاءً، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْحَصْبَاءَ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَلِئَلَّا يَذْهَبَ تُرَابُهُ. وَالْحَصْبَاءُ صِغَارُ الْحَصَى.
(وَ) يُسَنُّ (رَفْعُهُ) أَيْ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ (قَدْرَ شِبْرٍ) لِيُعْرَفَ أَنَّهُ قَبْرٌ فَيَتَوَقَّى وَيَتَرَحَّمُ عَلَى صَاحِبِهِ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ قَبْرُهُ عَنْ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ» (وَكُرِهَ) رَفْعُهُ (فَرْقُهُ) أَيْ الشِّبْرِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ «لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
وَالْمُشْرِفُ: مَا رُفِعَ كَثِيرًا، لِقَوْلِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي صِفَةِ قُبُورِ النَّبِيِّ «صَلَّى وَصَاحِبَيْهِ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ» (وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ تُرَابِهِ) أَيْ الْقَبْرِ نَصًّا لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ فِي الْفُصُولِ: إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ (وَ) كُرِهَ (تَزْوِيقُهُ) أَيْ الْقَبْرِ (وَتَخْلِيقُهُ) أَيْ طَلْيُهُ بِالطِّينِ (وَنَحْوِهِ) كَدَهْنِهِ ; لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَغَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ (وَ) كُرِهَ (تَجْصِيصُهُ وَاتِّكَاءٌ عَلَيْهِ وَمَبِيتٌ) عِنْدَهُ (وَحَدِيثٌ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَتَبَسُّمٌ عِنْدَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ) كَرَاهَةً مِنْ تَبَسُّمٍ (وَكِتَابَةٌ) عَلَى الْقَبْرِ (وَجُلُوسٌ) عَلَيْهِ (وَوَطْءٌ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِلَا نَعْلٍ، قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute