بَعْضُهُمْ: إلَّا لِحَاجَةٍ (وَبِنَاءُ) قُبَّةٍ وَغَيْرِهَا عَلَيْهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَزَادَ " وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ " وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَدْ اتَّكَأَ عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالتَّبَسُّمَ عِنْدَهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ.
(وَ) كُرِهَ (مَشْيٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ يَعْنِي الْمَشْيَ بَيْنَ الْقُبُورِ (بِنَعْلٍ) لِلْخَبَرِ (حَتَّى بِالتُّمُشْكِ - بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ) نَوْعٌ مِنْ النَّعْلِ (وَسُنَّ خَلْعُهُ) إذَا دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ. لِحَدِيثِ «بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا، فَرَمَى بِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتِرَامًا لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
(إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ) كَحَرَارَةِ الْأَرْضِ أَوْ بُرُودَتِهَا، فَلَا يُكْرَهُ لِلْعُذْرِ، وَلَا يُسَنُّ خَلْعُ خُفٍّ لِأَنَّهُ يَشُقُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّهُ وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَهُ أَوْلَى مِنْ شَرْحِهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ أَوَّلًا
وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ. (وَلَا بَأْسَ بِتَطْبِيقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْت لِعَائِشَةَ " يَا أُمَّهْ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءَ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ " (وَ) لَا بَأْسَ (بِتَعْلِيمِهِ) أَيْ الْقَبْرِ نَصًّا (بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَبِلَوْحٍ) «لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَلَّمَهُ بِحَجَرٍ وَضَعَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: أُعَلِّمُ قَبْرَ أَخِي حَتَّى أَدْفِنَ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (وَتَسْنِيمُ) الْقَبْرِ (أَفْضُلُ) مِنْ تَسْطِيحِهِ «لِقَوْلِ سُفْيَانَ التَّمَّارِ رَأَيْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ وَلِأَنَّ التَّسْطِيحَ أَشَبَهُ بِبِنَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا (إلَّا) مَنْ دُفِنَ (بِدَارِ حَرْبٍ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (فَتَسْوِيَتُهُ) أَيْ قَبْرِهِ بِالْأَرْضِ (وَإِخْفَاؤُهُ) أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ تَسْنِيمِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظْهَرَ عَلَيْهِ فَيُنْبَشَ، فَيُمَثَّلُ بِهِ.
(وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا) أَيْ الْقُبُورِ لِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ وَمُغَالَاةٍ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute