تَعْظِيمِ الْأَمْوَاتِ. يُشْبِهُ تَعْظِيمُ الْأَصْنَامِ.
(وَ) يَحْرُمُ (التَّخَلِّي) عَلَى الْقُبُورِ وَبَيْنَهَا لِحَدِيثِ «لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ وَلَا أُبَالِي أَوَسَطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ وَسَطَ السُّوقِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ (وَ) يَحْرُمُ (جَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا) أَيْ الْقُبُورِ لِلْخَبَرِ.
(وَدَفْنٌ بِصَحْرَاءَ أَفْضَلُ) مِنْ دَفْنٍ بِعُمْرَانٍ «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بِالْبَقِيعِ» وَلَمْ يَزَلْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَقْبُرُونَ فِي الصَّحَارَى، وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَسَاكِنِ الْآخِرَةِ (سِوَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَدُفِنَ بِبَيْتِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ " لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلِمَا رُوِيَ «تُدْفَنُ الْأَنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ» وَصِيَانَةً لَهُ عَنْ كَثْرَةِ الطُّرُقِ، وَتَمْيِيزًا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ (وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ) أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا وَلَمْ يُزَدْ) عَلَيْهِمَا (لِأَنَّ الْخَرْقَ) بِدَفْنِ غَيْرِهِمَا عِنْدَهُ (يَتَّسِعُ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ) فَلَا يُنْكِرُهُ إلَّا بِدْعِيٌّ ضَالٌّ.
وَكُرِهَ جَعْلُ خَيْمَةٍ أَوْ فُسْطَاطٍ عَلَى قَبْرٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فِي كِسْوَةِ الْقَبْرِ بِالثِّيَابِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ مُنْكَرٌ إذَا فُعِلَ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟ .
(وَمَنْ وَصَّى بِدَفْنِهِ بِدَارٍ) فِي مِلْكِهِ (أَوْ) فِي (أَرْضٍ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْوَرَثَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ (وَ) قَالَ (لَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ) فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا: أَنَّ الْأُولَى إذَا كَانَ بِالْعُمْرَانِ، وَالثَّانِيَةَ إذَا كَانَ بِالصَّحْرَاءِ. إذْ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ بِالْبَقِيعِ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ) وَارِثٍ (مَا دُفِنَ فِيهِ) الْمَيِّتُ (مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ) أَيْ يَصِير (مَقْبَرَةً) نَصًّا لِبَقَاءِ مِلْكِهِمْ فَإِنْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةً صَارَتْ وَقْفًا.
(وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ) الْمَوْتَى فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيمِ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِزِيَارَتِهِمْ (وَ) يُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ فِي (الْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةَ حَجَرٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْت ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» وَقَالَ عُمَرُ " اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِك " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَيُسْتَحَبُّ مَا كَثُرَ فِيهِ الصَّالِحُونَ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُمْ.
(وَيُدْفَنُ) مَيِّتٌ (فِي مُسَبَّلَةٍ وَلَوْ