بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا وَلَا مِنَّةَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُكَفَّنَ مِنْ أَكْفَانِ الْمُسْلِمِينَ (وَيُقَدَّمُ فِيهَا) أَيْ الْمُسْبَلَةِ عِنْدَ ضِيقٍ (بِسَبْقٍ) لِأَنَّهُ سَبْقٌ إلَى مُبَاحٍ (ثُمَّ) مَعَ تَسَاوٍ فِي سَبْقٍ يُقَدَّمُ ب (قُرْعَةٍ) لِأَنَّهَا لِتَمْيِيزِ مَا أُبْهِمَ (وَيَحْرُمُ الْحَفْرُ فِيهَا) أَيْ الْمُسْبَلَةِ (قَبْلَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مَا سَبَقَ فِي الْمُصَلَّى الْمَفْرُوشِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ.
(وَ) يَحْرُمُ (دَفْنُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) أَيْ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ (حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (صَارَ تُرَابًا) فَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِقَاعِ وَالْبِلَادِ وَالْهَوَاءِ فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ ثُمَّ إنْ وُجِدَ فِيهِ عِظَامٌ لَمْ يَجُزْ دَفْنُ آخَرَ عَلَيْهِ وَتَحْرُمُ عِمَارَةُ قَبْرٍ دَائِرٍ ظُنَّ بِلَاءُ صَاحِبِهِ فِي مُسَبَّلَةٍ
لِئَلَّا يُتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْجَدِيدِ، فَيُمْتَنَعُ مِنْ الدَّفْنِ بِهِ (وَ) يَحْرُمُ أَنْ يُدْفَنَ غَيْرُهُ (مَعَهُ) فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ ; «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ (إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ) كَكَثْرَةِ مَوْتَى بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِلْعُذْرِ (وَسُنَّ حَجْزٌ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكْفِي الْكَفَنُ.
(وَ) سُنَّ (أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامَةِ) لَوْ اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُهُمْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، لِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَةُ الْجِرَاحَاتِ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: احْفِرُوا وَوَسِّعُوا، وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ أَحْمَدُ وَلَوْ جُعِلَ لَهُمْ شِبْهُ النَّهْرِ وَجُعِلَ رَأْسُ أَحَدِهِمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ، وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.
(وَ) الْمَيِّتُ (الْمُتَعَذِّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوَهُ) كَمُمَثَّلٍ بِهِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيْهَا) أَيْ الْبِئْرِ (أُخْرِجَ) مُتَقَطِّعًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ طَمِّهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْبِئْرِ (طَمَّتْ) عَلَيْهِ فَتَصِيرُ قَبْرَهُ دَفْعًا لِلتَّمْثِيلِ بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ بِلَا تَقْطِيعٍ بِمُعَالَجَةٍ بِأَكْسِيَةٍ وَنَحْوِهَا تُدَارُ فِيهَا تَجْتَذِبُ الْبُخَارَ أَوْ بِكَلَالِيبٍ وَنَحْوِهَا بِلَا مُثْلَةٍ، وَجَبَ لِتَأْدِيَةِ فَرْضِ غُسْلِهِ وَيُعْرَفُ زَوَالُ بُخَارِهَا بِبَقَاءِ السِّرَاجِ بِهَا فَإِنَّ النَّارَ لَا تَبْقَى عَادَةً إلَّا فِيمَا يَعِيشُ فِيهِ الْحَيَوَانُ.
(وَيَحْرُمُ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوَهُ) كَمَدْرَسَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِنْ لَهُ (وَيُنْبَشُ) وُجُوبًا مَنْ دُفِنَ بِهِ وَيُخْرَجُ نَصًّا.
(وَ) يَحْرُمُ دَفْنٌ (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) مَا لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِيهِ فَيُبَاحُ (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ (نَقْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ مِلْكِهِ وَإِلْزَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute