بِشَيْءٍ غَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ) نَصًّا (وَنَحْوِهِ) كَقَضَاءِ حَاجَةٍ فِي طَرِيقِهِ أَوْ شِرَاءِ زَادٍ أَوْ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ (أَوْ أَقَامَ) بَعْدَهُ (أَعَادَهُ) أَيْ طَوَافَ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اشْتِغَالُهُ بِنَحْوِ شَدِّ رَحْلِهِ (وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ - وَنَصُّهُ: أَوْ الْقُدُومَ - فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ أَجْزَأَهُ) عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ وَقَدْ فَعَلَ وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ فَأَجْزَأَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ نَوَى بِطَوَافِهِ الْوَدَاعَ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الزِّيَارَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»
(فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعَ رَجَعَ) إلَيْهِ وُجُوبًا بِلَا إحْرَامٍ إنْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ مَكَّةَ لِأَنَّهُ لِإِتْمَامِ نُسُكٍ مَأْمُورٍ بِهِ، كَمَا لَوْ رَجَعَ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ (وَيُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ إنْ بَعُدَ) عَنْ مَكَّةَ، يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ ثُمَّ يُوَدِّعُ عِنْدَ خُرُوجِهِ (فَإِنْ شَقَّ) رُجُوعٌ مِنْ بُعْدٍ، وَلَمْ يَبْلُغْ الْمَسَافَةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ (أَوْ بَعُدَ) عَنْهَا (مَسَافَةَ قَصْرٍ) فَأَكْثَرَ (فَعَلَيْهِ دَمٌ بِلَا رُجُوعٍ) دَفْعًا لِلْحَرَجِ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ الْحَيْضِ، كَسَائِرِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ فَإِنْ رَجَعَ لِلْوَدَاعِ مِنْ بَعْدِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُسْقِطْ دَمَهُ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ، لِخِلَافِ الْقَرِيبِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ يُسْقِطُ الرُّجُوعَ أَوْ لَا إذْ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ
(وَلَا وَدَاعَ عَلَى حَائِضٍ) لِلْخَبَرِ (وَ) لَا عَلَى (نُفَسَاءَ) لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِيمَا يَمْنَعُهُ وَغَيْرُهُ (إلَّا أَنْ تَطْهُرَ) الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ (قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ) أَيْ بُنْيَانِ مَكَّةَ فَيَلْزَمُهَا الْعَوْدُ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَإِنْ لَمْ تَعُدْ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهَا دَمٌ
(ثُمَّ) بَعْدَ وَدَاعِهِ (يَقِفُ فِي الْمُلْتَزَمِ) وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ (بَيْنَ الرُّكْنِ) الَّذِي بِهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ (وَالْبَابِ) أَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ (مُلْصِقًا بِهِ) أَيْ الْمُلْتَزَمِ (جَمِيعَهُ) بِأَنْ يُلْصِقَ بِهِ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ لِحَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جَاءَ دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْت: أَلَا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، فَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيَقُولُ) عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ (اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُك وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ ; وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute