النُّونِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ مَنَّ يَمُنُّ لِلدُّعَاءِ
وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ جَرٍّ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالْآنُ: الْوَقْتُ (قَبْلَ أَنْ تَنْأَى) أَيْ تَبْعُدَ (عَنْ بَيْتِكَ دَارِي وَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي) أَيْ زَمَنُهُ (إنْ أَذِنْت لِي غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي وَالْعِصْمَةَ) أَيْ الْمَنْعَ مِنْ الْمَعَاصِي (فِي دِينِي وَأَحْسِنْ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتَنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَدْعُو) بَعْدَ ذَلِكَ (بِمَا أَحَبَّ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْتِي الْحَطِيمَ أَيْضًا) نَصًّا (وَهُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ) فَيَدْعُو (ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ (وَيُقَبِّلَهُ) ثُمَّ يَخْرُجُ.
قَالَ أَحْمَدُ: فَإِذَا وَلَّى لَا يَقِفُ وَلَا يَلْتَفِتُ فَإِذَا الْتَفَتَ رَجَعَ فَوَدَّعَ أَيْ اسْتِحْبَابًا إذْ لَا دَلِيلَ لِإِيجَابِهِ، بَلْ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: إذَا كِدْتَ تَخْرُجُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَالْتَفِتْ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الْكَعْبَةِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ
وَرَوَى حَنْبَلٌ عَنْ الْمُهَاجِرِ قَالَ: قُلْت لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ " الرَّجُلُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّي فَإِذَا انْصَرَفَ خَرَجَ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَامَ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: مَا كُنْت أَحْسَبُ يَصْنَعُ هَذَا إلَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْمَشْيُ قَهْقَرَى بَعْدَ وَدَاعِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ
(وَتَدْعُو حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ نَدْبًا وَسُنَّ دُخُولُ الْبَيْتِ) أَيْ الْكَعْبَةِ (بِلَا خُفٍّ وَبِلَا سِلَاحٍ) نَصًّا فَيُكَبِّرُ فِي نَوَاحِيهِ وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُو وَالنَّظَرُ إلَيْهِ عِبَادَةٌ نَصًّا قَالَ ابْنُ عُمَرَ «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقُلْت لِبِلَالٍ: هَلْ صَلَّى فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ فَقُلْت أَيْنَ؟ قَالَ: بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أُسَامَةَ " لَمْ يُصَلِّ فِيهِ " وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَهُوَ مَسْرُورٌ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ كَئِيبٌ فَقَالَ: إنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَلَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا دَخَلْتُهَا إنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي»
(وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرِ صَاحِبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا) لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» .
وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute