للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُغْزَى (مَعَ مُخَذِّلٍ وَنَحْوَهُ) كَمَعْرُوفٍ بِهَزِيمَةٍ أَوْ تَضْيِيعِ الْمُسْلِمِينَ (وَيُقَدَّمُ أَقْوَاهُمَا) أَيْ الْأَمِيرَيْنِ، وَلَوْ عُرِفَ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غُلُولٍ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ»

(وَجِهَادُ) الْعَدُوِّ (الْمُجَاوِرِ مُتَعَيَّنٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣] وَلِأَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِالْبَعِيدِ يُمَكِّنُ الْقَرِيبَ مِنْ انْتِهَازِ الْفُرْصَةِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) إلَى قِتَالِ الْأَبْعَدِ، كَكَوْنِ الْأَقْرَبِ مُهَادِنًا أَوْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ قِتَالِهِ، أَوْ كَانَ الْأَبْعَدُ أَخْوَفَ، أَوْ لِعِزَّتِهِ وَنَحْوِهَا. فَلَا بَأْسَ بِالْبُدَاءَةِ بِالْأَبْعَدِ لِلْحَاجَةِ (وَمَعَ تَسَاوٍ) فِي قُرْبٍ وَبُعْدٍ بَيْنَ عَدُوَّيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَهْلُ كِتَابٍ (جِهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ) «لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ خَلَّادٍ إنَّ ابْنَك لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ قَالَتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ كِتَابٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ; وَلِأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَنْ دِينٍ

(وَسُنَّ رِبَاطٌ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِحَدِيثِ سَلْمَانَ مَرْفُوعًا «رِبَاطُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ فَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَهُوَ) لُغَةً الْحَبْسُ وَعُرْفًا (لُزُومُ ثَغْرِ الْجِهَادِ) تَقِيَّةً لِلْمُسْلِمِينَ (وَلَوْ سَاعَةً) .

قَالَ أَحْمَدُ: يَوْمٌ رِبَاطٌ، وَلَيْلَةٌ رِبَاطٌ، وَسَاعَةٌ رِبَاطٌ وَالثَّغْرُ كُلُّ مَكَان يَخَافُ أَهْلُهُ الْعَدُوَّ وَيُخِيفُهُمْ وَسُمِّيَ الْمُقَامُ بِالثَّغْرِ رِبَاطًا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَرْبِطُونَ مُيُولَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ.

(وَتَمَامُهُ) أَيْ الرِّبَاطِ (أَرْبَعُونَ يَوْمًا) رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الثَّوَابِ مَرْفُوعًا (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ الرِّبَاطِ (بِأَشَدِّ خَوْفٍ) مِنْ الثُّغُورِ ; لِأَنَّ مُقَامَهُ بِهِ أَنْفَعُ وَأَهْلَهُ بِهِ أَحْوَجُ (وَهُوَ) أَيْ الرِّبَاطُ (أَفْضَلُ مِنْ مُقَامٍ بِمَكَّةَ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْمَاعًا (وَالصَّلَاةُ بِهَا) أَيْ مَكَّةَ وَكَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى (أَفْضَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ بِالثَّغْرِ.

قَالَ أَحْمَدُ: فَأَمَّا فَضْلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا شَيْءٌ خَاصَّةُ فَضْلٍ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ

(وَكُرِهَ) لِمُرِيدِ ثَغْرٍ (نَقْلُ أَهْلِهِ إلَى) ثَغْرٍ (مَخُوفٍ) نَصًّا. لِقَوْلِ عُمَرَ " لَا تُنْزِلْ الْمُسْلِمِينَ خِيفَةَ الْبَحْرِ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الثَّغْرُ مَخُوفًا (فَلَا) يُكْرَهُ نَقْلُ أَهْلِهِ إلَيْهِ (كَ) مَا لَا تُكْرَهُ إقَامَةُ (أَهْلِ الثَّغْرِ) بِهِ بِأَهْلِيهِمْ وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّكْنَى بِهِمْ، وَإِلَّا لَخَرِبَتْ الثُّغُورُ وَتَعَطَّلَتْ

(وَ) يَجِبُ (عَلَى عَاجِزٍ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ كُفْرٍ أَوْ) يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ (بِدَعٍ مُضِلَّةٍ) كَاعْتِزَالٍ وَتَشَيُّعٍ (الْهِجْرَةُ) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>