للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآيَاتِ " وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُشْرِكِينَ لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. أَيْ لَا يَكُونُ بِمَوْضِعٍ يَرَى نَارَهُمْ وَيَرَوْنَ نَارَهُ إذَا أُوقِدَتْ.

وَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي (إنْ قَدَرَ) عَاجِزٌ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ عَلَى الْهِجْرَةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء: ٩٨] الْآيَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (وَلَوْ) كَانَتْ (فِي عِدَّةٍ بِلَا رَاحِلَةٍ وَ) بِلَا (مَحْرَمٍ) بِخِلَافِ الْحَجِّ (وَسُنَّ) هِجْرَةٌ (لِقَادِرٍ) عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ بِنَحْوِ دَارِ كُفْرٍ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ تَكْثِيرِ الْكُفَّارِ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ جِهَادِهِمْ. عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: بَقَاءُ حُكْمِ الْهِجْرَةِ لِحَدِيثِ «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَيْ مِنْ مَكَّةَ. وَمِثْلُهَا كُلُّ بَلَدٍ فُتِحَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَلَدَ كُفْرٍ

(وَلَا يَتَطَوَّعُ بِهِ) أَيْ الْجِهَادِ (مَدِينُ آدَمِيٍّ لَا وَفَاءً لَهُ) حَالًّا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ مُؤَجَّلًا ; لِأَنَّ الْجِهَادَ يُقْصَدُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، فَتَفُوتُ بِهِ النَّفْسُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ. فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ وَلَهُ وَفَاءٌ جَازَ لَهُ التَّطَوُّعُ بِهِ (إلَّا مَعَ إذْنِ) رَبِّ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ لِرِضَاهُ (أَوْ مَعَ رَهْنٍ مُحْرَزٍ) لِدَيْنٍ. أَيْ يُمْكِنُ وَفَاؤُهُ مِنْهُ (أَوْ مَعَ كَفِيلٍ مَلِيءٍ) بِالدَّيْنِ. فَيَجُوزُ إذَنْ ; لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ. فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ فَلَا إذْنَ لِغَرِيمِهِ لِتَعَلُّقِ الْجِهَادِ بِعَيْنِهِ. فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ. كَسَائِرِ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِمَظَانِّ قَتْلٍ، كَمُبَارَزَةٍ وَوُقُوفٍ فِي أَوَّلِ مُقَاتَلَةٍ.

(وَلَا) يَتَطَوَّعُ بِجِهَادٍ (مَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ حُرٌّ مُسْلِمٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُجَاهِدُ؟ قَالَ: أَلَك أَبَوَانِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ.

قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. فَإِنْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ. فَلَا إذْنَ. لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ. وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ. فَإِنْ خَرَجَ فِي تَطَوُّعٍ بِإِذْنِهِمَا ثُمَّ مَنَعَاهُ بَعْدَ سَيْرِهِ قَبْلَ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَّا مَعَ خَوْفٍ أَوْ حَدَثَ نَحْوُ مَرَضٍ. فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِقَامَةُ بِالطَّرِيقِ وَإِلَّا مَضَى مَعَ الْجَيْشِ. وَإِذَا حَضَرَ الصَّفَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِحُضُورٍ. وَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي الْجِهَادِ وَشَرَطَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَاتِلَ. فَحَضَرَ الْقِتَالُ عَلَيْهِ.

و (لَا) يُعْتَبَرُ إذْنُ (جَدٍّ وَجَدَّةٍ) لِوُرُودِ الْإِخْبَارِ فِي الْوَالِدَيْنِ. وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَاوِيهِمَا فِي الشَّفَقَةِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ إذْنُ الْأَبَوَيْنِ (فِي سَفَرٍ لِوَاجِبٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>