بِصِحَّةِ الْبَيْعِ يُبْطِلُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ ; لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْحَاكِمِ فِيهِ بِخِلَافِ مَالِ الْمُفْلِسِ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ غَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ أَوْ الْمُسَامَحَةِ فِيهِ وَنَحْوِهِ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَنَقَلَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَنُفُوذِهِ (وَيُكَفِّرُ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ بِصَوْمٍ لِئَلَّا يَضُرَّ بِغُرَمَائِهِ.
(وَ) يُكَفِّرُ (سَفِيهٌ بِصَوْمٍ) ; لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ مَالِهِ يَضُرُّ بِهِ وَلِلْمَالِ الْمُكَفَّرِ بِهِ بَدَلٌ وَهُوَ الصَّوْمُ فَرَجَعَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ (إلَّا إنْ فُكَّ حَجْرُهُ وَقَدَرَ) عَلَى مَالٍ يُكَفِّرُ بِهِ (قَبْلَ تَكْفِيرِهِ) فَكَمُوسِرٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلُ لَكِنْ يَأْتِي فِي الظِّهَارِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ تَصَرَّفَ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ (فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَنَحْوِهِمَا) كَإِصْدَاقٍ وَضَمَانٍ (صَحَّ) لِأَهْلِيَّتِهِ لِلتَّصَرُّفِ، وَالْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ لَا بِذِمَّتِهِ (وَيُتْبَعُ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ (بِهِ) أَيْ بِمَا لَزِمَهُ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (بَعْدَ فَكِّهِ) أَيْ الْحَجْرِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ مَنَعَ تَعَلُّقَهُ بِمَالِهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءَ السَّابِقِ عَلَيْهِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى فَقَدْ زَالَ الْمُعَارِضُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ. (وَإِنْ جَنَى) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا وَقِصَاصًا، وَاخْتِيرَ الْمَالُ (شَارَكَ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ) لِثُبُوتِ حَقِّهِ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ، كَالْجِنَايَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (وَقُدِّمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مَنْ جَنَى عَلَيْهِ قِنُّهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (بِهِ) أَيْ بِالْقِنِّ الْجَانِي لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِهِ.
الْحُكْمُ (الثَّانِي إنْ وَجَدَ عَيْنَ مَا بَاعَهُ) لِلْمُفْلِسِ (أَوْ) عَيْنَ مَا (أَقْرَضَهُ أَوْ) عَيْنَ مَا (أَعْطَاهُ) لَهُ (رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا (أَوْ) وَجَدَ شَيْئًا (أَجَّرَهُ) لِلْمُفْلِسِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُفْلِسِ (نَفْسَهُ) أَيْ غَرِيمَ الْمُفْلِسِ (وَلَمْ يَمْضِ مِنْ مُدَّتِهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (شَيْءٌ) أَيْ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنْ مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ فَلَا فَسْخَ، تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ مَنْزِلَةَ الْبَيْعِ وَمُضِيُّ بَعْضِهَا كَتَلَفِ بَعْضِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ مِنْهُ شَيْئًا فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ) وَجَدَ (نَحْوَ ذَلِكَ) كَشِقْصٍ أَخَذَهُ الْمُفْلِسُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ.
(وَلَوْ) كَانَ بَيْعُهُ أَوْ قَرْضُهُ وَنَحْوُهُ (بَعْدَ حَجْرِهِ جَاهِلًا بِهِ) أَيْ الْحَجْرِ الْبَائِعُ أَوْ الْمُقْرِضُ وَنَحْوُهُمَا (فَهُوَ) أَيْ وَاجِدُ عَيْنِ مَالِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (أَحَقُّ بِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمَا وَأَمَّا مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute