جَاهِلًا ; فَلِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَلَيْسَ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ السُّؤَالِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ عَدَمُ الْحَجْرِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْحَجْرِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَيَتْبَعُ بِبَدَلِهَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَحَيْثُ كَانَ رَبُّهَا أَحَقَّ بِهَا، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِهَا.
(وَلَوْ قَالَ الْمُفْلِسُ أَنَا أَبِيعُهَا وَأُعْطِيكَ ثَمَنَهَا) نَصًّا لِعُمُومِ الْخَبَرِ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ (بَذَلَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (غَرِيمٌ) لِرَبِّ السِّلْعَةِ فَإِنْ بَذَلَهُ الْمُفْلِسُ ثُمَّ بَذَلَهُ هُوَ لِرَبِّهَا فَلَا فَسْخَ لَهُ (أَوْ خَرَجَتْ) أَيْ السِّلْعَةُ عَنْ مِلْكِ الْمُفْلِسِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَعَادَتْ لِمِلْكِهِ) بِفَسْخٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا لَوْ وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ (وَقَرَعَ إنْ بَاعَهَا) الْمُفْلِسُ أَيْ السِّلْعَةَ (ثُمَّ اشْتَرَاهَا) مُشْتَرِيهَا مِنْهُ أَوْ غَيْرِهِ (بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ) فَمَنْ قَرَعَ الْآخَرَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ وَلَا مُرَجِّحَ، فَاحْتِيجَ إلَى تَمْيِيزِهِ بِالْقُرْعَةِ، وَلَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِ حَقِّهِمَا مِنْ الرُّجُوعِ فِيهَا فَلَا يُقَالُ: كُلٌّ مِنْ الْبَائِعَيْنِ تَعَلَّقَ اسْتِحْقَاقُهُ بِهَا بَلْ يُقَالُ أَحَدُهُمَا أَحَقُّ بِأَخْذِهَا لَا بِعَيْنِهِ، فَيُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ وَالْمَقْرُوعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَمَنْ قُلْنَا إنَّهُ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ الَّذِي أَدْرَكَهُ لَهُ تَرْكُهُ وَالضَّرْبُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِذَا تُرِكَ أَحَدُ الْبَائِعَيْنِ فِيمَا سَبَقَ تَمْثِيلُهُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَلَا يُحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ
(وَشُرِطَ) لِرُجُوعِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ (كَوْنُ الْمُفْلِسِ حَيًّا إلَى أَخْذِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعَهُ فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُسْنَدًا وَقَالَ حَدِيثُ مَالِكٍ أَصَحُّ ; وَلِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْ الْمُفْلِسِ إلَى الْوَرَثَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (بَقَاءُ كُلِّ عِوَضِهَا) أَيْ الْعَيْنِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ لِلْخَبَرِ، وَلِمَا فِي الرُّجُوعِ فِي قِسْطِ بَاقِي الْعِوَضِ مِنْ التَّشْقِيصِ وَإِضْرَارِ الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ، لِكَوْنِهِ لَا يَرْغَبُ فِيهِ كَالرَّغْبَةِ فِي الْكَامِلِ.
(وَ) الثَّالِثُ (كَوْنُ كُلِّهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ، فَلَا رُجُوعَ إنْ تَلِفَ بَعْضُهَا، أَوْ بِيعَ، أَوْ وَقَفَ وَنَحْوَهُ ; لِأَنَّ الْبَائِعَ وَنَحْوَهُ إذَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَتَاعَهُ وَإِنَّمَا أَدْرَكَ بَعْضَهُ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُ بِأَخْذِ الْبَعْضِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَانْقِطَاعُ مَا بَيْنَهُمَا، وَسَوَاءٌ رَضِيَ بِأَخْذِ الْبَاقِي بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بِقِسْطِهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ (إلَّا إذَا جَمَعَ الْعَقْدُ عَدَدًا) كَثَوْبَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَيَأْخُذُ) بَائِعٌ وَنَحْوُهُ (مَعَ تَعَذُّرِ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ بِتَلَفِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ أَوْ بَعْضِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute