(بِهِ) أَيْ: بِمَا شَرَطَاهُ ; لِأَنَّهُ مَرْجِعُ الْمُنَاضَلَةِ. وَإِنْ شَرَطَا الْخَوَاسِقَ وَالْحَوَابِي مَعًا صَحَّ. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ) كَتِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ وُجُودِهَا فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ.
(وَلَا) يَصِحُّ (تَنَاضُلُهُمَا عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لَا يَعْدُوهُمَا رَمْيًا) إذْ الْغَرَضُ مِنْ الرَّمْيِ الْإِصَابَةُ لِقَتْلِ الْعَدُوِّ أَوْ جَرْحِهِ أَوْ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْ الْإِصَابَةِ لَا مِنْ بُعْدِ الرَّمْيِ. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ) أَيْ: الْغَرَضِ (طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا وَارْتِفَاعًا) مِنْ الْأَرْضِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ تَقْدِيرٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ ; لِاخْتِلَافِ الْإِصَابَةِ بِصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَغِلَظِهِ وَرِقَّتِهِ وَارْتِفَاعِهِ وَانْخِفَاضِهِ. وَالْغَرَضُ مَا تُقْصَدُ إصَابَتَهُ بِالرَّمْيِ مِنْ قِرْطَاسٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ قَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَسُمِّيَ أَيْضًا: شَارَةً وَشَنًّا (وَإِنْ تَشَاحَّا) أَيْ الْمُتَنَاضِلَانِ (فِي الِابْتِدَاءِ) أَيْ: فِي الْبَادِئِ مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ غَيْرُهَا.
فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَبَدَرَهُ الْآخَرُ وَرَمَى لَمْ يُعْتَدَّ لَهُ بِسَهْمٍ أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ. وَيُسْتَحَبُّ تَعْيِينُ الْمُبْتَدِئِ بِالرَّمْيِ فِي الْعَقْدِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَرْمِيَا سَهْمًا سَهْمًا وَخَمْسًا خَمْسًا وَأَنْ يَرْمِيَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ الرِّشْقِ وَإِنْ شَرَطَا شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَطْلَقَا تَرَاسَلَا سَهْمًا سَهْمًا ; لِأَنَّهُ الْعُرْفُ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِ الْوُقُوفِ عَنْ يَمِينِ الْغَرَضِ أَوْ يَسَارِهِ فَالْأَمْرُ إلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا. فَإِذَا صَارَ الثَّانِي إلَى الْغَرَضِ صَارَ الْخِيَارُ إلَيْهِ لِيَسْتَوِيَا.
وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا اسْتِقْبَالَ الشَّمْسِ وَالْآخَرُ اسْتِدْبَارَهَا أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ اسْتِدْبَارَهَا (وَإِذَا بَدَأَ) أَحَدُهُمَا (فِي وَجْهٍ) هُوَ رَمْيُ الْقَوْمِ بِأَجْمَعِهِمْ جَمِيعَ السِّهَامِ (بَدَأَ الْآخَرُ) فِي الْوَجْهِ (الثَّانِي) عَدْلًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ شَرَطَا الْبُدَاءَةِ لِأَحَدِهِمَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُنَاضَلَةِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ، وَهَذَا تَفَاضُلٌ، وَإِنْ فَعَلَاهُ بِتَرَاضِيهِمَا بِلَا شَرْطٍ جَازَ، إذْ لَا أَثَرَ لِلْبُدَاءَةِ فِي الْإِصَابَةِ (وَسُنَّ جَعْلُ غَرَضَيْنِ) فِي الْمُنَاضَلَةِ يَرْمِي الرَّسِيلَانِ أَحَدَهُمَا ثُمَّ يَمْضِيَانِ إلَى الْمَرْمِيِّ فَيَأْخُذَانِ السِّهَامَ وَيَرْمِيَانِ الْآخَرَ. لِأَنَّهُ فِعْلُ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «مَا بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» " وَقَالَ إبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: رَأَيْتُ حُذَيْفَةَ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ يَقُولُ: أَنَالُهَا فِي قَمِيصٍ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ.
وَالْهَدَفُ مَا يُنْصَبُ الْغَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ نَحْو تُرَابٍ مَجْمُوعٍ أَوْ حَائِطٍ. (وَإِذَا) كَانَ غَرَضَانِ فَ (بَدَأَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْمُتَنَاضِلَيْنِ (بِغَرَضٍ بَدَأَ الْآخَرُ بِالثَّانِي) لِحُصُولِ التَّعَادُلِ (وَإِنْ أَطَارَتْهُ) أَيْ: الْغَرَضَ (الرِّيحُ فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ) أَيْ: الْمُتَنَاضِلَيْنِ (خَوَاسِقَ أَوْ نَحْوُهَا) كَخَوَارِقَ وَمُقَرْطَسٍ (لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute