غَاصِبٌ (هَدْمَهَا) ; لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فَإِنْ نَقَضَهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْضِهِ. قُلْتُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي إنْ أَبْرَأَهُ رَبُّ أَرْضٍ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ نَقْضُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ مَغْصُوبٍ بِأَنْ بَنَاهَا بِلَبِنٍ مِنْ غَيْرِ تُرَابِهَا (فَ) عَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا) أَيْ: الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ ; لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (فَلَوْ أَجَّرَهُمَا) أَيْ: أَجَّرَ غَاصِبٌ الْأَرْضَ وَبِنَاءَهُ الَّذِي لَيْسَ مِنْهَا (فَالْأُجْرَةُ) بَيْنَ الْغَاصِبِ وَرَبِّ الْأَرْضِ (بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ: تُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا بِالْمُحَاصَّةِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأُجْرَةِ الْبِنَاءِ.
(وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَغِرَاسًا مَنْقُولًا مِنْ) مَالِكٍ (وَاحِدٍ فَغَرَسَهُ) أَيْ: الْغِرَاسَ الْمَغْصُوبَ (فِيهَا) أَيْ: الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (لَمْ يَمْلِكْ) الْغَاصِبُ (قَلْعَهُ) ; لِأَنَّ مَالِكَهُمَا وَاحِدٌ وَلَا يَتَصَرَّفُ غَيْرُهُ فِي مِلْكِهِ بِلَا إذْنِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ (إنْ فَعَلَ) أَيْ: قَلَعَ الْغِرَاسَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكٍ: تَسْوِيَتُهَا وَأَرْشُ نَقْصِهَا وَأَرْشُ نَقْصِ غِرَاسٍ لِتَعَدِّيهِ بِهِ (أَوْ طَلَبَهُ) أَيْ: الْقَلْعَ (رَبُّهُمَا) أَيْ: رَبُّ الْأَرْضِ وَالْغِرَاسِ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) بِأَنْ كَانَ لَا يَنْتُجُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ مَثَلًا (تَسْوِيَتُهَا) أَيْ: الْأَرْضِ (وَ) أَرْشُ (نَقْصِهَا وَ) أَرْشُ (نَقْصِ غِرَاسٍ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكٍ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي قَلْعِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ غَاصِبٌ ; لِأَنَّهُ سَفَهٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ مَقْصُودٌ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ فَأَخَذَ بِإِعَادَتِهَا كَمَا كَانَتْ. وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا مِنْ وَاحِدٍ وَغَرْسًا مِنْ آخَرَ وَغَرَسَهُ فِيهَا فَكَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ غِرَاسًا إلَى أَرْضِ آخَرَ وَتَقَدَّمَ. وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا مِنْ وَاحِدٍ وَحَبًّا مِنْ آخَرَ وَزَرَعَهُ فِيهَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَجْدُ.
(وَإِنْ غَصَبَ خَشَبًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً قُلِعَ) إنْ كَانَتْ فِي السَّاحِلِ أَوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ وَلَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ قَلْعِهِ لِكَوْنِهِ فِي أَعْلَاهَا وَدَفَعَ لِرَبِّهِ بِلَا إمْهَالٍ لِوُجُوبِهِ فَوْرًا (وَيُمْهَلُ) لِقَلْعٍ (مَعَ خَوْفٍ) عَلَى سَفِينَةٍ بِقَلْعِهِ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ يُخَافُ مِنْ قَلْعِهِ دُخُولُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ (حَتَّى تَرْسِيَ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ قَلْعُهُ إلَى إفْسَادِ مَا فِي السَّفِينَةِ مِنْ الْمَالِ مَعَ إمْكَانِ رَدِّهِ بِدُونِهِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِرْسَاءُ لِبُعْدِ الْبَرِّ (فَلِمَالِكِ) خَشَبٍ مَغْصُوبٍ (أَخْذُ قِيمَتِهِ) لِلتَّضَرُّرِ بِرَدِّ عَيْنِهِ إذَنْ، وَمَتَى رَسَتْ وَاسْتَرْجَعَهُ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا فِي السَّفِينَةِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ لِلْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ (أُجْرَتُهُ) أَيْ: الْخَشَبُ الْمَغْصُوبِ (إلَيْهِ) أَيْ: أَخْذُ قِيمَتِهِ إنْ أَخَذَهَا وَإِلَّا فَإِلَى رَدِّهِ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنَافِعَهُ عَلَى مَالِكِهِ (وَ) عَلَيْهِ أَرْشُ (نَقْصِهِ) لِحُصُولِهِ بِتَعَدِّيهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ غَصَبَ مَا خَاطَ بِهِ جُرْحَ) حَيَوَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute