(أَوْ) حَفَرَ (قِنُّهُ) وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدُ (بِأَمْرِهِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ) أَيْ: لِيَخْتَصَّ بِنَفْعِهَا (فِي فِنَائِهِ) أَيْ: فِي فِنَاءِ دَارِهِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَفِنَاءُ الدَّارِ كَكِسَاءِ مَا كَانَ خَارِجَ دَارِهِ قَرِيبًا مِنْهَا (ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ) أَيْ: الْبِئْرِ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ نِصْفَ الْبِئْرِ فِي حَدِّهِ وَنِصْفَهَا فِي فِنَائِهِ نَصًّا لِتَعَدِّيهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ نَصَبَ فِيهِ سِكِّينًا، وَإِنْ حَفَرَ الْقِنُّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ. فَإِنْ عَتَقَ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَسَوَاءٌ أَضَرَّ الْحَفْرُ أَوْ لَا، أَوْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا ; لِأَنَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ. فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ النَّافِذَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِمَصْلَحَةٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِفِنَائِهِ لِنَفْعٍ عَامٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: حُكْمُهُ كَمَا لَوْ حَفَرَهُ بِالطَّرِيقِ عَلَى مَا يَأْتِي، (وَكَذَا حُرٌّ) حَفَرَ لِغَيْرِهِ بِئْرًا فِي فِنَائِهِ تَعَدِّيًا أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا إذَا (عَلِمَ الْحَالَ) أَيْ: أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَ الْآذِنِ. إذْ الْأَفْنِيَةُ لَيْسَتْ بِمِلْكِ أَرْبَابِ الدُّورِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَرَافِقِهِمْ. فَإِنْ جَهِلَ حَافِرٌ الْحَالَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ. وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِيَمِينِهِ. وَكَذَا حُكْمُ مَنْ بُنِيَ لَهُ بِأَمْرِهِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ. وَ (لَا) يَضْمَنُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا (فِي مَوَاتٍ لِتَمَلُّكٍ أَوْ لِارْتِفَاقٍ أَوْ لِانْتِفَاعٍ عَامٍّ) نَصًّا، (أَوْ) حَفَرَهَا (فِي سَابِلَةٍ) أَيْ: طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ (وَاسِعَةٍ) لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا ضَرَرٍ بِأَنْ حَفَرَهَا لِيَنْزِلَ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ أَوْ لِيَشْرَبَ مِنْهَا الْمَارَّةُ وَنَحْوُهُ، (أَوْ بَنَى فِيهَا) أَيْ: فِي السَّابِلَةِ الْوَاسِعَةِ (مَسْجِدًا أَوْ خَانًا وَنَحْوَهُمَا) كَسِقَايَةٍ (لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا ضَرَرٍ) بِإِحْدَاثِ ذَلِكَ (وَلَوْ) فَعَلَهُ (بِلَا إذْنِ إمَامٍ) ; لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي الْمَوَاتِ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا وَفِي غَيْرِهِ إحْسَانٌ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي الطَّرِيقِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْأَنْهَارِ؟ فَقَالَ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنْ الطَّرِيقِ. وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ سَابَاطٍ فَوْقَهُ مَسْجِدٌ يُصَلَّى فِيهِ؟ فَقَالَ لَا يُصَلَّى فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ الطَّرِيقِ (كَبِنَاءِ جِسْرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا.
(وَ) كَ (وَضْعِ حَجَرٍ بِطِينٍ لِيَطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ) لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ كَإِصْلَاحِهَا وَإِزَالَةِ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْهَا، وَحَفْرِ هَدَفِهِ فِيهَا، وَقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَوَضْعِ نَحْوِ حَصًى فِي حُفْرَةٍ بِهَا. لِيَمْلَاهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السَّابِلَةُ وَاسِعَةً أَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ، لَكِنْ حَفَرَ أَوْ بَنَى لِيَخْتَصَّ بِمَا حَفَرَهُ أَوْ بَنَاهُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ، لَكِنْ جَعَلَهُ فِي مَكَان يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ.
(وَمَنْ أَمَرَ حُرًّا بِحَفْرِهَا) أَيْ الْبِئْرِ (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآمِرِ (بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا) بِأُجْرَةٍ، فَحَفَرَ الْمَأْمُورُ وَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ (ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا حَافِرٌ عَلِمَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute