طَلَبِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ لِحَدِيثِ " «مَنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، (أَوْ دَعَا) الشَّفِيعُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُشْتَرِي بِالْبَرَكَةِ أَوْ غَيْرِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ: الْبَيْعِ ; لِأَنَّ دُعَاءَهُ إنْ كَانَ بِالْبَرَكَةِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ دُعَاءٌ لِنَفْسِهِ لِرُجُوعِ الشِّقْصِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ وَاتَّصَلَ بِالسَّلَامِ فَهُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ فَلَحِقَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِتَرْكِهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا (وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ فَرَدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ، (أَوْ أَسْقَطَهَا) أَيْ: الشُّفْعَةَ (قَبْلَ بَيْعِ) شِقْصٍ أَوْ أَذِنَ فِيهِ فَلَا تَسْقُطُ ; لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا يَسْتَقْرِضُهُ لَهُ.
(وَمَنْ تَرَكَ شُفْعَةَ مُوَلِّيهِ) أَيْ مَحْجُورِهِ (وَلَوْ) كَانَ تَرْكُهُ لَهَا (لِعَدَمِ حَظِّ) لِلْمَحْجُورِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمَوْلَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْبَيْعِ (إذَا صَارَ أَهْلًا) بِأَنْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ أَوْ رَشَدَ (الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ وَلِيُّهُ صَرَّحَ بِالْعَفْوِ ; لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ غَيْرِ الشَّفِيعِ كَالْغَائِبِ يَتْرُكُ وَكِيلُهُ الْأَخْذَ بِهَا. وَعُلِمَ مِنْهُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَأَنَّ الْوَلِيَّ يَمْلِكُ الْأَخْذَ بِهَا دُونَ الْعَفْوِ عَنْهَا ; لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ تَحْصِيلًا وَاسْتِيفَاءً لِلْحَقِّ بِخِلَافِ إسْقَاطِهِ، وَمَتَى رَأَى الْوَلِيُّ الْحَظَّ فِي الْأَخْذِ لَزِمَهُ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطَ وَالْأَخْذَ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ، فَإِذَا أَخَذَ بِهَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا رَدَّ لَهُ، إذَا صَارَ أَهْلًا، وَلَا غُرْمَ عَلَى الْوَلِيِّ بِتَرْكِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ رَأَى الْوَلِيُّ الْحَظَّ فِي تَرْكِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ (أَخْذُ جَمِيعِ) الشِّقْصِ (الْمَبِيعِ) دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ بِأَخْذِ بَعْضِ الْمَبِيعِ مَعَ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ دَفْعًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ. فَإِذَا أَخَذَ الْبَعْضَ لَمْ يَنْدَفِعْ الضَّرَرُ (فَإِنْ طَلَبَ) الشَّفِيعُ (بَعْضَهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ (مَعَ بَقَاءِ الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ الْمَبِيعِ (سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ إذَا سَقَطَ بِالتَّرْكِ فِي الْبَعْضِ سَقَطَ فِي الْكُلِّ كَعَفْوِهِ عَنْ بَعْضِ قَوَدٍ يَسْتَحِقُّهُ، (وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ، كَانْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ بِيعَ بَعْضُهَا بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ كَمَطَرٍ أَوْ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرَهُ (أَخَذَ) الشَّفِيعُ (بَاقِيَهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ إنْ شَاءَ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ: الْمَبِيعِ بَعْدَ مَا تَلِفَ (مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ: ثَمَنِ جَمِيعِ الشِّقْصِ. فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ نِصْفَ الدَّارِ، وَقِيمَةُ الْبَيْتِ الْمُنْهَدِمِ مِنْهَا نِصْفُ قِيمَتِهَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ. ثُمَّ إنْ بَقِيَتْ الْأَنْقَاضُ أَخَذَهَا مَعَ الْعَرْصَةِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْبِنَاءِ وَإِنْ عُدِمَتْ أَخَذَ مَا بَقِيَ مِنْ الْبِنَاءِ مَعَ الْعَرْصَةِ بِالْحِصَّةِ ; لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ كُلِّ الْمَبِيعِ بِتَلَفِ بَعْضِهِ، فَجَازَ لَهُ أَخْذُ الْبَاقِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute