بِحِصَّتِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ شَفِيعٌ آخَرُ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ مَعَ بَقَاءِ صُورَةِ الْمَبِيعِ كَانْشِقَاقِ الْحَائِطِ وَبَوَرَانِ الْأَرْضِ. فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِلَّا تَرَكَ (فَلَوْ اشْتَرَى دَارًا) أَيْ شِقْصًا مِنْهَا (بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَابَهَا أَوْ هَدَمَهَا، فَبَقِيَتْ بِأَلْفٍ أَخَذَهَا) الشَّفِيعُ (بِخَمْسِمِائَةٍ) بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ نَصًّا (وَهِيَ) أَيْ: الشُّفْعَةُ (بَيْنَ شُفَعَاءَ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ) فِيمَا مِنْهُ الشِّقْصُ الْمَبِيعُ ; لِأَنَّهَا حَقٌّ يُسْتَفَادُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَكَانَتْ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ كَالْغَلَّةِ. فَدَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ. بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ، (وَمَعَ تَرْكِ الْبَعْضِ) مِنْ الشُّرَكَاءِ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ (لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي) الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ (أَنْ يَأْخُذَ) بِالشُّفْعَةِ (إلَّا الْكُلَّ) أَيْ: كُلَّ الْمَبِيعِ (أَوْ يَتْرُكَ) الْكُلَّ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ فِي أَخْذِ الْبَعْضِ إضْرَارًا بِالْمُشْتَرِي، (وَكَذَا إنْ غَابَ) بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ إلَّا أَخْذَ الْكُلِّ أَوْ تَرْكُهُ نَصًّا. لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مُطَالِبٌ سِوَاهُ وَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ لِمَا فِيهِ إضْرَارُ الْمُشْتَرِي، فَلَوْ كَانَ الشُّفَعَاءُ ثَلَاثَةً فَحَضَرَ أَحَدُهُمْ وَأَخَذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ مَلَكَهُ.
(وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْضُ ثَمَنِهِ لِيَحْضُرَ غَائِبٌ) فَيُطَالِبَ لِوُجُوبِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ بِالْأَخْذِ، (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ إيفَائِهِ (فَلَا شُفْعَةَ) لَهُ كَمَا لَوْ أَبَى أَخْذَ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (، وَالْغَائِبُ) مِنْ الشُّفَعَاءِ (عَلَى حَقِّهِ) مِنْ الشُّفْعَةِ لِلْعُذْرِ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ حَضَرَ ثَانٍ بَعْدَ أَخْذِ أَوَّلَ قَاسَمَهُ إنْ شَاءَ أَوْ عَفَا وَيَبْقَى، فَإِنْ قَاسَمَهُ ثُمَّ حَضَرَ الثَّالِثُ قَاسَمَهُمَا إنْ أَحَبَّ أَوْ عَفَا. فَيَبْقَى لِلْأَوَّلَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ الشِّقْصِ الِاقْتِصَارَ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ. فَلَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى مُشْتَرٍ، وَالشَّفِيعُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَتَبَعَّضُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَدِمَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ فَيَضُمَّهُ إلَى مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ. فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ (وَلَا يُطَالِبُهُ) أَيْ: لَا يُطَالِبُ الْغَائِبُ حَاضِرًا (بِمَا أَخَذَهُ) أَيْ: الْحَاضِرُ (مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ: الشِّقْصِ مِنْ ثَمَرٍ وَأُجْرَةٍ وَنَحْوِهِمَا، لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِلْكُهُ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْأَوَّلُ الْأَخْذَ تَوَفَّرَتْ لِصَاحِبَيْهِ. فَإِذَا قَدِمَ الْأَوَّلُ أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ أَخَذَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الشِّقْصِ ثُمَّ رَدَّهُ لِعَيْبٍ فِيهِ، تَوَفَّرَتْ عَلَى صَاحِبَيْهِ لِرُجُوعِهِ لِمُشْتَرٍ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ عَوْدِهِ إلَيْهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَقْدَمُ الثَّالِثُ حَتَّى قَاسَمَ الثَّانِي الْأَوَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute