له علة في أواخر سنة عشرين، ثم تفقه ورجع إلى منزله وتمرض به إلى أن مات في شهر ربيع الأول.
محمد بن علي بن نم، الكيلاني غياث الدين ابن خواجا على التاجر، ولد في حدود السبعين، وكان أبوه من أعيان التجار فنشأ ولده هذا في عز ونعمة طائلة، ثم شغله أبوه بالعلم بحيث كان يشتري له الكتاب الواحد بمائة دينار وأزيد ويعطي معلميه فيفرط، فمهر في أيام قلائل واشتهر بالفضل ونشأ متعاظماً، ثم مات أبوه وتنقلت به الأحوال، والتهى عن العلم بالتجارة فصعد وهبط وغرق وسلم وزاد ونقص إلى أن مات خاملاً مع أنه كان سيئ المعاملة عارفاً بالتجارة محظوظاً منها إلا أنه تزوج جارية من جواري الناصر يقال لها سمراء فهام بها وأتلف عليها ماله وروحه وأفرطت هي في بغضه إلى أن قيل إنها سقته السم فتعلل مدة ولم تزل به حتى فارقها فتدله عقله من حبها إلى أن مات ولهاً بها، وبلغني أنها تزوجت بعده رجلاً من العوام فأذاقها الهوان وأحبته، فأبغضها عكس ما جرى لها مع غياث الدين، وبلغني أنها زارت غياث الدين في مرضه واستحللته فحاللها من شدة حبه لها وكانت قد ألزمته بطلاق زوجته ابنة عمه فطلقها لأجلها، وقد طارحني غياث الدين بمقاطيع عديدة وألغاز وترافقنا في السفر، ومن شعر غياث الدين في سمراء قصيدة مطولة أولها:
سلوا سمراء عن جربي وحزني ... وعن جفن حكى هطال مزن
سلوها هل عراها ما عراني ... من الجن الهواتف بعد جن