ثلاثين سنة، وهي ريح هائلة عاصفة سوداء مظلمة، فانتشرت حتى غطت الأهرام والجيزة والبحرواشتدت حتى ظن كل أحد أنها تقتلع الأبيات والأماكن، فدامت تلك الليلة ويوم الأربعاء إلى العصر، وكانت سبباً في هيف الزرع بالوجه القبلي وغلاء سعر القمح.
وفي ربيع الآخر قدم أخو رميثة بن محمد بن عجلان يخطبان إمرة مكة عوضاً عن عمهما حسن بن عجلان ظناً منهما طرد القياس في عقيل ومقبل، فانعكس عليهما الأمر فقبض عليهما وحبسا، وقرر قرقماش الشعباني وعلى بن عنان في إمرة مكة وسافرا معاً. وفيه وصل تاني بك البجاسي نائب حلب فسلم على السلطان، وهرع الناس للسلام عليه، ثم خلع عليه وأعيد إلى إمرته وتوجه ثالث جمادى الأولى. وفيه وقع بين نائب دمشق وقاضيها الشافعي نجم الدين ابن حجي تشاجر وادعى أن القاضي أشار عزل نفسه، وتولد من ذلك شر كبير سيأتي ذكره، وورد الخبر بأن الجراد وقع بالمدينة فأفسد الزرع بها وجرد الخوص من النخل، وقاسوا منه شدة عظيمة.
وفي أوائل ما نقلت الشمس إلى الثور بعد أن اشتد الحر جداً عاد البرد الشديد حتى كان نظير الذي كان والشمس في برج القوس وهذا من العجائب، وبعد يومين أمطرت السماء مطراً غزيراً في معظم الليل، واستمر البرد قدر أسبوع.
وفي اليوم الثامن عشر من حلول الشمس الثور أمطرت السماء مطراً شديداً غزيزاً، واستمر إلى أن أكثر الوحل في الطرقات كأعظم ما يكون في الشتاء مع الرعد الكثير والبرق، وقد تلف بذلك ما في المقائي من الزروع والنبات شيء كثير، وغلا