للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقاتلها كما يقال للطفل إذا ضرب: لم ضربت وما ذنبك. وقال الحسن: أراد الله أن يوبّخ قاتلها، لأنها قتلت بغير ذنب، وبعضهم يقرأ ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ﴾ تعلق الجارية بأبيها فتقول بأي ذنب قتلتني؟ وقيل: معنى سئلت؛ يسأل عنها، كما قال:

﴿إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً﴾ [الإسراء: ٣٤].

وقوله: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: ١٠] أي: للحساب، وسيأتي.

وقوله: ﴿وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ﴾ [التكوير: ١١] قيل: معناه طويت، كما قال الله تعالى: «يوم نطوي السماء كطيّ السجل للكتاب» (١) [الأنبياء: ١٠٤] أي: كطيّ الصحيفة على ما فيها، فاللام بمعنى على، يقال: كشطت السقف أي: قلعته، فكان المعنى: قلعت فطويت - والله أعلم -. والكشط والقشط سواء، وهو القلع.

وقيل: السجل كاتب للنبي ، ولا يعرف في الصحابة من اسمه سجل.

وقوله: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ [التكوير: ١٢] أي أوقدت.

وقوله: ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ [التكوير: ١٣] أي: قربت لأهلها وأدنيت.

﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤] أي: من عملها، وهو مثل قوله:

﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار: ٥] ومثل قوله: ﴿يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] فهو يوم الانشقاق، ويوم الانفطار، ويوم التكوير، ويوم الانكدار، ويوم الانتثار، ويوم التسيير، قال الله تعالى: ﴿وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً﴾ [الطور: ١٠].

﴿وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ﴾ [التكوير: ٣]، ويوم التعطيل، ويوم التسجير، ويوم التفجير، ويوم الكشط والطي، ويوم المد لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ [الانشقاق: ٣] إلى غير ذلك من أسماء القيامة. وهي الساعة الموعود أمرها، ولعظمها أكثر الناس السؤال عنها لرسول الله ، حتى أنزل الله ﷿ على رسوله: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً﴾ [الأعراف: ١٨٧]، وكلّ ما عظم شأنه تعدّدت صفاته، وكثرت أسماؤه، وهذا في جميع كلام العرب، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه، وتأكّد نفعه لديهم وموقعه، جمعوا له خمسمائة اسم، وله نظائر. فالقيامة لما عظم أمرها، وكثرت أهوالها، سماها الله تعالى في كتابه بأسماء عديدة، ووصفها بأوصاف كثيرة، منها ما ذكرناه، مما وقع في هذه السور الثلاث.


(١) والقراءة التي أوردها المصنف قراءة ورش وقالون عن نافع، وقراءة حفص عن عاصم: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>