للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن الله تعالى يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها، فتوقف بين يدي الله تعالى، ويوم الجمعة فيها زهراء مضيئة، يعرفها الخلائق، فيوم القيامة يوم يتضمن الأيام كلها، فسمّي بكل حال يوما فقيل: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ [النبأ: ١٨] ثم قيل:

﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤] ثم قيل: ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ [النبأ: ٤٠] فهذه حالة أخرى. ثم قيل: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ [الحاقة: ١٨] ثم قيل: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتاتاً﴾ [الزلزلة: ٦]. فهذه أحوال. فقد يجري يوم القيامة بطوله على هذه الأحوال، كل حال منها كاليوم المتجدد، ولذلك كررت في قوله تعالى: ﴿وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٧، ١٨] لأن ذلك اليوم وما بعده يوم، واليوم العظيم متضمن لهذه الأيام، فهو لله يوم، وللخلائق أيام، قد عرفت أيامهم في يومه، وقد بطل الليل والنهار. قاله الترمذي الحكيم.

ومما قيل في معنى ما ذكرنا من النظم قول بعضهم:

مثّل لنفسك أيها المغرور … يوم القيامة والسماء تمور

إذ كوّرت شمس النهار وأدنيت … حتى على رأس العباد تسير

وإذا النجوم تساقطت وتناثرت … وتبدلت بعد الضياء كدور

وإذا البحار تفجّرت من خوفها … ورأيتها مثل الجحيم تفور

وإذا الجبال تقلّعت بأصولها … فرأيتها مثل السحاب تسير

وإذا العشار تعطّلت وتخربت … خلت الديار فما بها معمور

وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت … وتقول للأملاك أين نسير

وإذا تقاة المسلمين تزوجت … من حور عين زانهن شعور

وإذا الموءودة سئلت عن شأنها … وبأيّ ذنب قتلها ميسور

وإذا الجليل طوى السما بيمينه … طيّ السّجلّ كتابه المنشور

وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت … تبدي لنا يوم القصاص أمور

وإذا الصحائف نشرت فتطايرت … وتهتكت للمؤمنين ستور

وإذا السماء تكشطت عن أهلها … ورأيت أفلاك السماء تدور

وإذا الجحيم تسعّرت نيرانها … فلها على أهل الذنوب زفير

وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت … لفتى على طول البلاء صبور

وإذا الجنين بأمّه متعلّق … يخشى القصاص وقلبه مذعور

هذا بلا ذنب يخاف جناية … كيف المصرّ على الذنوب دهور

<<  <  ج: ص:  >  >>