الواحد يكفينا منها، ومن هولها ومن تحقيق المعنى لها». قلت: قد بينا أقوال العلماء في ذلك عند ذكر حديث أبي هريرة ﵁ في باب «أين تكون الناس» فتأمله هناك.
ومنها: يوم الدعاء؛ وهو النداء أيضا.
والنداء على ثمانية وجوه فيما ذكر ابن العربي:
الأول: نداء أهل الجنة أهل النار بالتقريع.
الثاني: نداء أهل النار لأهل الجنة بالاستغاثة، كما أخبر الله عنهم.
الثالث: يدعى كل أناس بإمامهم وهو قوله: «لتتبع كلّ أمة ما كانت تعبد».
قال المؤلف: ويقال: بكتابهم، وقيل: بنبيهم. قال سريّ السّقطي: تدعى الأمم يوم القيامة بأنبيائها، فيقال: يا أمة موسى، يا أمة عيسى، ويا أمة محمد المحبين لله فإنهم ينادون يا أولياء الله هلمّوا إلى الله سبحانه فتكاد قلوبهم تنخلع فرحا.
الرابع: نداء الملك: ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن فلان بن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبدا، وسيأتي.
الخامس: النداء عند ذبح الموت، يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت.
السادس: نداء أهل النار: يا حسرتنا ويا ويلتنا.
السابع: قول الأشهاد: ﴿هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨].
الثامن: نداء الله تعالى أهل الجنة فيقول: «يا أهل الجنة هل رضيتم؟ فيقولون:
وما لنا لا نرضى؛ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول: أعطيتكم أفضل من ذلك؛ رضائي».
قال المؤلف ﵁: ونداء تاسع ذكره أبو نعيم عن مروان بن محمد قال: قال أبو حازم الأعرج: يخاطب نفسه: «يا أعرج ينادى يوم القيامة: يا أهل خطيئة كذا وكذا وكذا! فتقوم معهم، ثم ينادى: يا أهل خطيئة أخرى! فتقوم معهم، فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة» (١). وفي التنزيل: ﴿وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ﴾ الآية التي في القصص، وحم السجدة ﴿وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٦٥] والنداء في الأخبار كثير، يأتي بيانها وذكرها في باب: من يدخل الجنة بغير حساب.
(١) انظر «الحلية» لأبي نعيم (٣/ ٢٣٠ - ٢٣١).