للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: يوم الصاخة؛ قال عكرمة: الصاخة: النفخة الأولى. والطامة: النفخة الثانية. قال الطبري: أحسبه من صخ فلان فلانا إذا أصمّه. قال ابن العربي:

الصاخة التي تورث الصمم، وإنها المسمعة. وهذا من بديع الفصاحة حتى لقد قال بعض أحداث الأسنان حديثي الأزمان:

أصم بك الناعي وإن كنت أسمعا

وقال آخر:

أصمني سرّهم أيام فرقتهم … فهل سمعتم بشر يورث الصمما

ولعمرو الله (١) إن صيحة القيامة مسمعة تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة وبهذا كله كان يوما عظيما كما قال الله تعالى في وصفه بالعظيم، وكل شيء كبر في أجزائه فهو عظيم، وكذلك ما كبر في معانيه. وبهذا المعنى كان الباري عظيما؛ لسعة قدرته وعلمه، وكثرة ملكه الذي لا يحصى، ولما كان أمر الآخرة لا ينحصر؛ كان عظيما، بالإضافة إلى الدنيا، ولما كان محدثا له أولا صار حقيرا بالإضافة إلى العظيم الذي لا يحد.

ومنها: يوم الوعيد؛ وهو أن الباري سبحانه أمر ونهى ووعد وأوعد، فهو أيضا يوم الوعد. والوعد للنعيم، والوعيد للعذاب الأليم، وحقيقة الوعيد؛ هو:

الخبر عن العقوبة عند المخالفة، والوعد الخبر عن المثوبة عند الموافقة، وقد ضل في هذه المسألة المبتدعة وقالوا: إن من أذنب ذنبا واحدا فهو مخلّد في النار تخليد الكفار (٢)، أخذا بظاهر هذا اللفظ في آي، فلم يفهموا العربية ولا كتاب الله، وأبطلوا شفاعة رسول الله . وسيأتي الرد عليهم في أبواب من هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى -.

ومنها: يوم الدين؛ وهو في لسان العرب الجزاء، قال الشاعر:

حصادك يوما ما زرعت وإنما … يدان الفتى فيه كما هو دائن

وقال آخر:

واعلم يقينا أن ملكك زائل … واعلم بأنك كما تدين تدان

ومنها: يوم الجزاء؛ قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٨]


(١) انظر حول هذه الكلمة: تفسير المصنف «الجامع لأحكام القرآن» (١٠/ ٤٠) و «معجم المناهي اللفظية» للشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - ص ٤٧٠ - ٤٧١.
(٢) وعلى هذا القول الخوارج المارقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>