وقال: ﴿الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ﴾ [غافر: ١٧] وهو أيضا يوم الوفاء، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ [النور: ٢٥] أي: حسابهم وجزاءهم، والجنة جزاء الحسنات، والنار جزاء السيئات، قال الله تعالى في المعنيين: ﴿جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [التوبة: ٨٢] و ﴿جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الواقعة: ٢٤] وقال في جهة الوعيد ﴿كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ [فاطر: ٣٦].
ومنها: يوم الندامة؛ وذلك أن المحسن إذا رأى جزاء إحسانه، والكافر جزاء كفره؛ ندم المحسن أن لا يكون مستكثرا، وندم المسيء أن لا يكون استعتب، فإذا صار الكافر إلى عذاب لا نفاد له تحسّر، فلذلك سمي يوم الحسرة، قال الله تعالى:
﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ [مريم: ٣٩] وذلك عند ذبح الموت على ما يأتي.
﴿وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ﴾ يعني: الآن، عن ذلك اليوم. والحسرة: عبارة عن استكشاف المكروه بعد خفائه.
ومنها: يوم التبديل؛ قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ﴾ [إبراهيم: ٤٨] وقد تقدم القول في ذلك مستوفى.
ومنها: يوم التلاقي؛ قال الله تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ [غافر: ١٥] وهو عبارة عن اتصال المعنيين بسبب من أسباب العلم والجسمين. وهو أنواع أربعة:
الأول: لقاء الأموات لمن سبقهم إلى الممات، فيسألونهم عن أهل الدنيا كما تقدم.
والثاني: عمله، وقد تقدم.
الثالث: لقاء أهل السموات لأهل الأرض في المحشر، وقد تقدم.
الرابع: لقاء الخلق للبارئ ﷾، وذلك يكون في عرصات القيامة، وفي الجنة على ما يأتي.
ومنها: يوم الآزفة؛ تقول العرب أزف كذا؛ أي: قرب. قال الشاعر:
أزف الترحّل غير أن ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد
وهي قريبة جدا، وكل آت قريب، وإن بعد مداه، قال الله تعالى: ﴿وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾ [الأحزاب: ٦٣]. وما يستبعد الرجل من الساعة ومدته ساعة.
ومنها: يوم المآب؛ ومعناه: الرجوع إلى الله تعالى، ولم يذهب عن الله شيء فيرجع إليه، وإنما حقيقته؛ أن العبد يخلق الله فيه ما شاء من أفعاله، لما خلق فيه علما، وخلق فيه إيثارا واختيارا، ظن الناس أنه شيء، أو أن له فعلا، فإذا أماته