وسلب ما كان أعطاه؛ أذعن وآب في وقت لا ينفعه الإياب، ولم يزل عن الله تعالى في حال فهو الأواب.
ومنها: يوم المصير؛ وهو يوم المآب بعينه، قال الله تعالى: ﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ [النور: ٤٢]. فالخلق سائرون إلى أمر الله تعالى. وآخر ذلك دار القرار، وهي الجنة أو النار، قال الله تعالى في حق الكافرين: ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ﴾ [إبراهيم: ٣٠].
ومنها: يوم القضاء؛ وهو أيضا يوم الحكم والفصل، وسيأتي أن أول ما يقضي فيه الدماء، وقال ﷺ:«ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقّها» … الحديث، وفيه:«كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد»(١). والفصل هو الفرق والقطع، فيفصل يومئذ بين المؤمن والكافر، والمسيء والمحسن. قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣] الآية.
وهو يوم الحكم لأن إنفاذ الحكم هو إنفاذ العلم، قال الله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ [الحج: ٥٦] الآية. وقال: ﴿ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ١٠].
ومنها يوم الوزن ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾ [الأعراف: ٨] الآية. وسيأتي الكلام في الميزان ووزن الأعمال فيه في أبواب إن شاء الله.
ومنها: يوم عقيم؛ وهو في اللغة عبارة عن من لا يكون له ولد. ولما كان الولد يكون بين الأبوين، وكانت الأيام تتوالى قبل وبعد؛ جعل الاتباع بالبعدية فيها كهيئة الولادة، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقيم.
ومنها: يوم عسير؛ وهذا في حق الكافرين خاصة، والعسر ضد اليسر، فهو عسير على الكافرين لأنهم لا يرون فيه أملا ولا يقطعون فيه رجاء، حتى إذا خرج المؤمنون من النار طلبوا مثل ذلك، فيقال لهم: ﴿اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] فحينئذ يكون المنع الصريح، على ما يأتي بيانه في أبواب النار إن شاء الله تعالى.
وأما المؤمنون فتنحل عقدهم بيسر إلى يسر، فينحل طول الوقوف إلى تعجيل الحساب، وتثقيل الموازين، وجواز الصراط والظلال بالأعمال، ولا تنحل للكافرين من هذه العقد عقدة واحدة إلا إلى أشد منها، حتى إلى جهنم دار القرار.