ومنها: يوم مشهود؛ سمّي بذلك لأنه يشهده كل مخلوق. وقيل: سمّي بذلك لأن الشهداء يشهدون فيه. على ما يأتي - والله أعلم -.
ومنها: يوم التغابن؛ سمّي بذلك لأن الناس يتغابنون في المنازل عند الله؛ فريق في الجنة وفريق في السعير. وحقيقته في لسان العرب: ظهور الفضل في المعاملة لأحد المتعاملين، والدنيا والآخرة دار العملين وحالين، وكل واحد منهما لله، ولا يعطى أحدهما إلا لمن ترك نصيبه من الأخرى، قال الله تعالى: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ [الإسراء: ١٨] وقال: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى: ٢٠] ومن أراد الآخرة فسعيه مشكور، وحظه في الآخرة موفور.
ومنها: يوم عبوس قمطرير، والقمطرير: الشديد. وقيل: الطويل. وأما العبوس فهو الذي يعبس فيه، سمّي باسم ما يكون فيه، كما يقال: ليل قائم، ونهار صائم؛ وكلوح الوجه وعبوسه هو: قبض ما بين العينين، وتغير السحنة عن عادتها الطلقة، يقال: يوم طلق إذا كانت شمسه نيرة فاترة، وإذا كانت شمسه مدجية قد غطاها السحاب؛ قيل: يوم عبوس، وأول العبوس والكلوح عند الخروج من القبور ورؤية الأعمال في الصور القبيحة كما تقدم، وآخر ذلك كلوح النار، وهو الكلوح الأعظم يشوي الوجوه، ويسقط الجلود، على ما يأتي. ومع العبوس تشخص الأبصار وهي ثبوتها راكدة على منظر واحد لهول لا ينتقل منه إلى غيره، كما قال سبحانه: ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ﴾ [إبراهيم: ٤٢].
ومنها: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ﴾ [الطارق: ٩]؛ ومعناه: إخراج المخبآت بالاختبار بوزن الأعمال في الصّحف، وبكشف الساق عند السجود، على ما يأتي.
ومنها: ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً﴾ [الانفطار: ١٩]؛ وهو مثل قوله: ﴿وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: ٤٨] وقال: ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً﴾ [الدخان: ٤١] فكل نفس بما كسبت رهينة لا يغني أحد عن أحد شيئا، بل ينفصل كل واحد عن أخيه وأبيه، ولذلك كان يوم الفصل ويوم الفرار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً﴾ [النبأ: ١٧] وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٧] أما إنه يجزي ويقضي ويعطي ويغني بغير اختياره من حسناته ما عليه من الحقوق، على ما يأتي بيانه في أحاديث المفلس، إن شاء الله تعالى.