يدفعون إلى جهنم ويسحبون فيها على وجوههم، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ﴾ [القمر: ٤٨].
ومنها: يوم التقلب؛ وهو: التحوّل، قال الله تعالى: ﴿يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ﴾ [النور: ٣٧] أي: قلوب الكفار وأبصارهم، فتقلب قلوب الكفار انتزاعها من أماكنها إلى الحناجر، فلا هي ترجع إلى أماكنها، ولا هي تخرج، فأما تقلب الأبصار فالزرقة بعد الكحل، والعمي بعد البصر. وقيل:
تتقلب القلوب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، والأبصار تنظر من أي ناحية يعطون كتبهم، وإلى أي ناحية يؤخذ بهم. وقيل: إن قلوب الشاكين تتحول عما كانت عليه من الشك، وكذلك أبصارهم لرؤيتهم اليقين، إلا أن ذلك لا ينفعهم في الآخرة.
ومنها: يوم الشخوص والإقناع؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ﴾ [إبراهيم: ٤٢] أي: لا تغمض فيه من هول ما ترى في ذلك اليوم. قاله الفراء.
وقال ابن عباس ﵁:«تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة فلا يغتمضون». ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] أي: مديمي النظر.
قال مجاهد والضحاك: ﴿مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] أي: رافعي رؤوسهم، وإقناع الرأس رفعه. قاله ابن عباس ومجاهد. وقال الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. فإن قيل: فقد قال الله تعالى في غير هذه الآية:
﴿خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ﴾ [القلم: ٤٣] وقال: ﴿خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ﴾ [القمر: ٧] فكيف يكون الرافع رأسه الناظر نظرا طويلا حتى إن طرفه لا يرتد إليه خاشع البصر؟
فالجواب: أنهم يخرجون حال المضي إلى الموقف خاشعة أبصارهم، وفي هذه الحال وصفهم الله تعالى بخشوع الأبصار، وإذا توافوا وضمهم الموقف وطال القيام عليهم فإنهم يصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم، ويرفعون رؤوسهم فينظرون النظر الطويل ولا يرتد إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه، فهو تعسير عليهم.
ومنها: ﴿يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥، ٣٦] وذلك حين يقال لهم: ﴿اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] وتطبق عليهم جهنم، على ما يأتي بيانه في أبواب النار.
ومنها: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ [غافر: ٥٢] وإن أذن لهم بأن يمكّنوا