للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرفعون رؤوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوا فيها فيقول: أنا ربكم؟ فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة». وسيأتي. قوله: «فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون» أي: يتجلى لهم في صفته التي هو عليها من الجلال والكمال والتعالي والجمال بعد أن رفع الموانع عن أبصارهم. فيتبعونه؛ أي يتبعون أمره أو ملائكته ورسله الذين يسوقونهم إلى الجنة. والله أعلم.

والدعوى: الدعاء قال الله : ﴿دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ﴾ [يونس: ١٠] أي دعاؤهم. والكلاليب: جمع كلوب. والسعدان: نبت كثير الشوك شوكه كالخطاطيف والمحاجن ترعاه الإبل فيطيب لبنها. تقول العرب: مرعى ولا كالسعدان. والموبق: المهلك أوبقه ذنبه: أهلكه.

ومنه الحديث: «اجتنبوا السبع الموبقات» (١) وقوله تعالى: ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا﴾ [الشورى: ٣٤]. والمجازى: الذي جوزي بعمله.

وقوله: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ﴾ [القلم: ٤٢] كشف الساق، عبارة عن عظم الأمر وشدته، ذكره ابن المبارك قال: أخبرنا أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ﴾ قال: يوم كرب وشدة (٢). أخبرنا ابن جريج عن مجاهد قال: شدة الأمر وجده قال مجاهد: وقال ابن عباس: هي أشد ساعة في القيامة (٣).

وقال أبو عبيدة: إذا اشتد الأمر أو الحرب قيل: كشف الأمر عن ساقه.

والأصل فيه أن من وقع في شيء يحتاج إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة، وكذا قال القتبي؛ قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ﴾ هذا من الاستعارة فسمى الشدة ساقا لأن الرجل إذا وقع في الشدة شمر عن ساقه فاستعيرت في موضع شدة.

قال الشاعر:

وكنت إذا جاري دعا لمضوفة … أشمر حتى ينصف الساق مئزري

وقال آخر:

فتى الحرب إن عضت به الحرب عضها … وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا


(١) أخرجه البخاري (٢٧٦٦) وفي مواضع أخرى، ومسلم (٨٩).
(٢) أخرجه ابن المبارك كما في زوائد «الزهد» (٣٦١) والطبري في «تفسيره» (٢٩/ ٢٤).
(٣) أخرجه ابن المبارك كما في زواد «الزهد» (٣٦٢) والطبري في «تفسيره» (٢٩/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>