للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ [الصافات: ٢٧] ينبح بعضهم في وجه بعض وأطبقت عليهم.

قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر، أنه ذكر له أن ذلك قوله تعالى: ﴿هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥، ٣٦].

قال ابن المبارك: وحدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، فذكره عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم: ﴿إِنَّكُمْ ماكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧].

قال: هانت والله دعوتهم على مالك، ورب مالك.

قال: ثم يدعون ربهم. قال فيقولون: ﴿رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ * رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ﴾.

قال فسكت عنهم قدر الدنيا مرتين: قال ثم يرد عليهم: ﴿اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ﴾.

قال: فو الله ما نبس القوم بعدها بكلمة؛ وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم (١).

فشبه أصواتهم بصوت الحمير، أولها زفير وآخرها شهيق. ومعنى ما نبس:

ما تكلم.

قال الجوهري: يقال ما نبس بكلمة، أي: ما تكلم. وما نبّس بالتشديد أيضا. وقال الراجز:

إن كنت غير هالك فنبّس

(الترمذي) عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله : «يلقى على أهل النار الجوع مع ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب؛ فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم، فيقولون: ادعوا خزنة جهنم، فيقولون: ﴿أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ﴾ [غافر: ٥٠] قال فيقولون: ادعوا مالكا، فيقولون: ﴿يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧] قال فيجيبهم:

﴿إِنَّكُمْ ماكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧]».


(١) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>