للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع فيها بمجرد الترك، بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء؛ كالصلاة والصوم.

ومنها ما أضاف إليها كفارة؛ كالحنث في الأيمان وغير ذلك. وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها، فإن لم يوجدوا؛ تصدّق عنهم، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعساره فعفو الله مأمول وفضله مبذول، فكم ضمن من التبعات، وبدّل من السيئات بالحسنات. وعليه أن يكثر من الأعمال الصالحات، ويستغفر لمن ظلمه من المؤمنين والمؤمنات، فهذا الكلام في حقيقة التوبة.

وقد روي مرفوعا في صفة التائب من حديث ابن مسعود أن النبيّ قال وهو في جماعة من أصحابه: «أتدرون من التائب؟» قالوا: اللهم لا. قال: «إذا تاب العبد ولم يرض خصماؤه فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير لباسه فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير مجلسه فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير نفقته وزينته فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير فراشه ووساده فليس بتائب، ومن تاب ولم يوسع خلقه فليس بتائب، ومن تاب ولم يوسع قلبه وكفه فليس بتائب». ثم قال النبي : «فإذا تاب عن هذه الخصال فذلك تائب حقا».

قال العلماء: إرضاء الخصوم يكون بأن يرد عليهم ما غصبهم من مال، أو خانهم، أو غلهم، أو اغتابهم، أو خرق أعراضهم، أو شتمهم، أو سبهم، فيرضيهم بما استطاع، ويتحللهم من ذلك، فإن انقرضوا فإن كان لهم قبله مال رده إلى الورثة، وإن لم يعرف الورثة تصدّق به عنهم، ويستغفر لهم بعد الموت ويدعو لهم عوض الذم والغيبة، لا خلاف في هذا.

وأما تغيير اللباس فهو أن يستبدل ما عليه من الحرام بالحلال، وإن كانت ثياب كبر وخيلاء استبدلها بأطمار متوسطة.

وتغيير المجلس؛ هو بأن يترك مجالس اللهو واللعب والجهال والأحداث، ويجالس العلماء ومجالس الذكر والفقراء والصالحين، ويتقرب إلى قلوبهم بالخدمة وبما يستطيع، ويصافحهم.

وتغيير الطعام بأن يأكل الحلال ويجانب ما كان من شبهة أو شهوة، ويغير أوقات أكله، ولا يقصد اللذيذ من الأطعمة.

وتغيير النفقة هو بترك الحرام وكسب الحلال.

وتغيير الزينة بترك التزين في الأثاث والبناء واللباس والطعام والشراب.

وتغيير الفراش بالقيام بالليل عوض ما كان يشغله بالبطالة والغفلة والمعصية، كما قال الله تعالى: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>