للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغيير الخلق هو بأن ينقلب خلقه من الشدة إلى اللين، ومن الضيق إلى السعة، ومن الشكاسة إلى السماحة.

وتوسيع القلب يكون بالإنفاق، ثقة بالقيام على كل حال، وتوسيع الكف بالسخاء والإيثار بالعطاء. هكذا يبدّل كل ما كان فيه كشرب الخمر بكسره، وسقي اللبن والعسل، والزنا بكفالة الأرملة واليتيمة وتجهيزهما، ويكون مع ذلك نادما على ما سلف منه، ومتحسّرا على ما ضيّع من عمره. فإذا كملت التوبة به على هذه الخصال التي ذكرنا، والشروط التي بيّنّا تقبّلها الله بكرمه، وأنسى حافظيه وبقاع الأرض خطاياه وذنوبه. قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى﴾ [طه: ٨٢].

والأصل في هذه الجملة؛ حديث أبي هريرة في الرجل الذي قتل مائة نفس ثم سأل: هل له من توبة؟ فقال له العالم: ومن يحول بينك وبينها، انطلق إلى أرض بني فلان، فإن بها ناسا صالحين يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا تعد إلى أرضك فإنها أرض سوء (١). والحديث الذي أخرجه مسلم في «الصحيح». وفي «مسند أبي داود الطيالسي»: حدّثنا زهير بن معاوية، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد - وليس بابن أبي مريم - عن عبد الله بن معقل، قال:

كنت مع أبي وأنا إلى جنبه عند عبد الله بن مسعود فقال له أبي: أسمعت رسول الله يقول: «إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله ﷿ تاب الله عليه»؟ فقال:

نعم سمعته يقول: «الندم توبة» (٢).

وفي صحيح مسلم والبخاري، عن عائشة قالت: سمعت


(١) أخرجه البخاري (٣٤٧٠) ومسلم (٢٧٦٦) من حديث أبي سعيد الخدري .
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٧٦، ٤٢٣، ٤٣٣) وابن ماجه (٤٢٥٢) وابن أبي شيبة (٩/ ٣٦١) والحاكم (٤/ ٢٤٣) والحميدي في «مسنده» (٥٨/ ١٠٥/١) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٣، ١٤) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٣/ ٣٧٤) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (٣/ ١٣٥، ١٣٦، ٣٦٢) والطبراني في «المعجم الصغير» (١/ ٣٣) والطيالسي في «مسنده» (٣٨١) وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣١٢) والبيهقي في «السنن» (١٠/ ١٥٤) وفي «شعب الإيمان» (٣٨٦/ ٧٠٢٩/٥ - ٧٠٣٢) والبغوي في «شرح السنة» (٩١/ ١٣٠٧/٥) وغيرهم.
من طرق؛ عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل به.
واختلف فيه على عبد الكريم؛ فتارة يرويه عن زياد بن أبي مريم، وتارة عن زياد بن الجراح. وحاصل هذا الاختلاف؛ أن جماعة رووا الحديث عن عبد الكريم، عن زياد بن أبي مريم، منهم السفيانان وخصيف.
وخالفهم جماعة؛ فرووه عن عبد الكريم، عن زياد بن الجراح.
وهذا ما نبّه إليه الإمام الكبير أبي عبد الله إسماعيل البخاري في «التاريخ الكبير».

<<  <  ج: ص:  >  >>