للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال، قال: حدثنا جماعة من شيوخنا ، منهم الفقيه المفتي أبو محمد بن عتاب، قال: أنبأنا الإمام أبو عمر بن عبد البر فيما أجازه لنا بخطّه، قال: حدثنا خلف بن القاسم، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: حدثني خالد أبو الربيع وأحمد بن صالح وأحمد بن عمر وابن السرح ويحيى بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهب فذكره، وأحمد بن محمد بن الحجاج هو ابن رشيد بن سعد أبو جعفر مصري، قال أبو أحمد ابن عدي: كذّبوه وأنكرت عليه أشياء، ومحمد بن يزيد بن أبي زياد مجهول قاله الدارقطني، وباقي السند ثقات معروفون.

وأما وقعة صفّين فإن معاوية لما بلغه سير أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه إليه من العراق؛ خرج من دمشق حتى ورد صفين في النصف من المحرم، فسبق إلى سهولة المنزل وسعة المناخ وقريب الماء من الفرات وبنى قصرا لبيت ماله. وصفّين: صحراء ذات كدى وأكمات، وكان أهل الشام قد سبقوا إلى المشرعة من سائر الجهات، ولم يكن ثم مشرعة سواها للواردين والواردات، فمنعت عليا إياها وحمتها عن تلك الكماة، فذكّرهم بالمواعظ الحسنة والآيات، وحذّرهم بقول النبي فيمن منع فضل الماء بالفلاة، فردوا قوله، وأجابوه بألسنة الطغاة، إلى أن قاتلهم بالقواضب والسمهريات، فلما غلبهم عليها أباحها للشاربين والشاربات، ثم بنى مسجدا على تلّ بأعلى الفرات، ليقيم فيه مدة مقامه فرائض الصلوات، لفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين من الدرجات، على ما ثبت في الصحيح من رواية ابن عمر وغيره من الصحابة العدول الثقات، وحضرها مع علي جماعة من البدريين، ومن بايع تحت الشجرة من الصحابة المرضيين، وكان مع علي رايات كانت مع رسول الله في قتال المشركين، وكان مقام علي ومعاوية بصفّين سبعة أشهر، وقيل: تسعة، وقيل: ثلاثة أشهر، وكان بينهم قبل القتال نحو من سبعين زحفا، وقتل في ثلاثة أيام من أيام البيض وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، ثلاثة وسبعون ألفا من الفريقين (١).


(١) وهذه مبالغة في عدد القتلى؛ فقد ذكر خليفة بن خياط ص (١٨٦) من تاريخه أن عدد القتلى كانوا سبعة آلاف، وذهب غيره كالمسعودي (٢/ ٣٦٠) - مروج الذهب - إلى أن عددهم كان ثمانية عشر ألفا.
وقد ذكر الأستاذ خالد بن محمد الغيث في كتابه الماتع: «استشهاد عثمان» ص ٢١٤ - ٢١٥ - الطبعة الأولى - أن عدد القتلى لا يزيد عن المائتين بحسب ما ترجّح عنده. لأسباب ذكرها، وهي أسباب قوية تأيّد ما قاله، وفّقه الله لما يرضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>