للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن من عوامل نصر هذه الأمة هو الاجتماع، وعدم النزاع والافتراق، قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (١)، ومن هنا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يؤسس لهذا الضابط لدى صحابته في دعوتهم، ويأمرهم بالاجتماع في جميع أمورهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: (يد الله مع الجماعة ((٢)، كما بين - صلى الله عليه وسلم - إثم ومصير من فرق الجماعة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (سيكون بعدي هنات وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائناً من كان فاقتلوه، فإن يد الله مع الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يرتكض ((٣)؛ فلأهمية هذا الأمر في الدين كان جزاء من يخالفه ويفرق بين المسلمين القتل. كما ربى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على ذلك، وأدبهم عليه، فعندما أرسل - صلى الله عليه وسلم - معاذاً وأبا موسى الأشعري إلى اليمن قال لهما: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ((٤)،

فجعل لهما - صلى الله عليه وسلم - ضوابط قبل أن يذهبا إلى اليمن ليدعوا الناس إلى الإسلام، ومنها عدم الاختلاف، كما أنه عندما أذن لمالك بن الحويرث ومن معه قال - صلى الله عليه وسلم - لهم: (لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم؛ مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا،


(١) سورة الأنفال، الآية: ٤٦.
(٢) جامع الترمذي، أبواب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، رقم ٢١٦٦، ص ٤٩٨. حديث صحيح (الألباني، صحيح الجامع، رقم ٣٦٢١، ١/ ٦٧٧).
(٣) صحيح ابن حبان، باب طاعة الأئمة، ذكر إثبات مصونة الله جل وعلا الجماعة وإعانة الشيطان من فارقها، المجلد الخامس، الجزء السابع، رقم ٤٥٨٣، ص ٣٦. حديث صحيح (الألباني، التعليقات الحسان، رقم ٤٥٥٨، ٧/ ٢٣).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه، رقم ٣٠٣٨، ص ٥٠١ ..

<<  <   >  >>