للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واسعاً بدون قيد أو شرط، أو كانت شروطه مرنة جداً كالمحدثين من أهل العلم، ومنهم من قيد لفظ الصحابي بشروط محددة وفي نطاق ضيق وتشدد في ذلك، وهم الأصوليون من أهل الفقه، وفي هذا المبحث سوف نتكلم عن آراء الفريقين ومن تبنى كل رأي من علماء الإسلام وأئمته.

لعل أكثر المحدثين يتبنون رأي الإمام البخاري في الصحيح "أن من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه" (١). وهذا القول أخذه الإمام البخاري حسب قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" من كلام شيخه علي بن المديني حيث كتب ابن حجر قائلاً: "قرأت في "المستخرج" لأبي القاسم بن منده بسنده إلى أحمد بن سيار الحافظ المروزي قال: سمعت أحمد بن عتيك يقول: قال علي بن المديني: من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ((٢). ومن هذين التعريفين يتبين توسع الإمام البخاري وشيخه ابن المديني في إطلاق لفظ الصحابي، بحيث لم يجعلا للصحبة مدة محددة، إنما يكفي فيها الصحبة أو الرؤية، فيدخل في هذا كل من أسلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه. إلا أن هذا التعريف أوجد إشكالاً لدى الأصوليين، وذلك فيمن ارتد عن الإسلام سواء رجع أو لم يرجع عن ردته، ومن رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو طفل لم يبلغ ولم يميز، ومن رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته وقبل دفنه، وفي تعريف الإمام البخاري


(١) صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، ص ٦١٣.
(٢) فتح الباري، ابن حجر، كتاب فضائل أصحاب النبي، ٧/ ٤٢٢٩.

<<  <   >  >>