للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن حجر: "يعني أن اسم صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق عليه اسم صحبة لغة، وإن كان العرف يخص ذلك بعض الملازمة ويطلق أيضاً على من رآه رؤية ولو على بعد" (١). والرؤية هنا أوسع من الصحبة في اللغة، فمن رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحج أو العمرة أو في الغزو أو من رآه في مكة أو المدينة أو في الحل والسفر وهو مسلم فقد شمله اسم "صحابي".

ويرى الإمام أحمد "أن كل من صحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه، فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر إليه" (٢). وأضاف شيخ الإسلام ابن تيمية كلمة "مؤمناً" بعد كلمة "رآه" (٣). وهنا جعل المدة والسمع والنظر إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي من يحدد قدر الصحبة منهم مكثر ومنهم مقل وجميعهم صحابة. وقد استند كلام الإمام أحمد والبخاري وشيخ الإسلام في تعريفهم هذا على حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يأتي على الناس زمان، يغزو فئام (٤) من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون نعم، فيفتح


(١) فتح الباري، ابن حجر، كتاب فضائل أصحاب النبي، كتاب فضائل أصحاب النبي، ٧/ ٤٢٢٨.
(٢) الكفاية، الخطيب البغدادي، ص ٥٠.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، فصل الاعتقاد، ٤/ ٤٦٤.
(٤) الفئام: الجماعة من الناس، (انظر: العين، الفراهيدي، باب الثلاثي المعتل من الفاء، ٨/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>