للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن المشاهدة لأمر يعيه المشاهد حتى لو كانت عن بعد تدخل في الصحبة بشرط أن يعيه، أي يكون مميزاً وليس طفلاً صغيراً لم يصل لمرحلة التمييز أو فاقداً للعقل عند رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - سواء بمؤثر كالخمر وبدون مؤثر كالجنون، والضابط الأهم هو ألا يكون منافقاً مشتهر النفاق حتى مات، فهذا يخرجه من دائرة الإسلام؛ لأن المنافقين إخوان الكفار، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (١)، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (٢)، وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} (٣).

وقد أورد الخطيب البغدادي قول ابن عمر أن أهل العلم يقولون: "كل من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أدرك الحلم وأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة من نهار، ولكن أصحابه على طبقاتهم وتقدمهم في الإسلام" (٤).

وفي هذا القول تأييد للأقوال السابقة من حيث الرؤية والتمييز، إلا أنه جعل الحلم شرطاً في الصحبة، وهذا مختلف فيه بين أهل العلم، فيقول العراقي في "التقييد والإيضاح": "والصحيح أن البلوغ ليس شرطاً في حدِّ الصحابي، وإلا لخرج بذلك من أجمع العلماء على عدِّهم في الصحابة، كعبدالله بن الزبير، والحسن والحسين - رضي الله عنهم - " (٥).


(١) سورة الحشر، الآية: ١١.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٤٠.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٦٨.
(٤) الكفاية، الخطيب البغدادي، ص ٤٩.
(٥) التقييد والإيضاح، زين الدين العراقي، ص ٢٩٥.

<<  <   >  >>