وقد استخدم الصحابة - رضي الله عنهم - هذا الخلق كوسيلة لإيصال الدعوة الإسلامية، وأن الإسلام هو دين تسامح وعفو وأخلاق، ولا يهدف إلى الانتقام والتشفي؛ فقد أظهر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خلق العفو عندما أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض مذحج ولقي جمعاً منهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموه في أصحابه فحمل عليهم فتفرقوا وانهزموا فكف عنهم ودعاهم ثانية إلى الإسلام فأجابوا وبايعوا وأدَّوا صدقاتهم، ولم يحاسبهم على ما فعلوا؛ فعفوه - رضي الله عنه - عنهم أدَّى إلى دخولهم في الإسلام. وكذلك عفو عروة بن مسعود - رضي الله عنه - عمن أصابه وتصدقه بدمه عليه كان له الأثر في إسلام أقاربه وعدم إثارة الفتنة بينهم وبين قبيلته التي أسلمت لاحقاً. وهذا أبو عامر الأشعري - رضي الله عنه - يعفو ويكف عن قتال رجل عندما قال أبو عامر: اللهم اشهد عليه، فقال الرجل: اللهم لا تشهد، فكفَّ أبو عامر عن قتاله، فأفلت الرجل وكان أبو عامر قد قتل قبله تسعة من إخوته، ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه، فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا رآه قال: هذا شريد أبي عامر.
فهذه الوسيلة الأخلاقية كان لها في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - دور كبير أدَّى إلى نشر الإسلام وبيان تعاليمه وأنه دين تسامح ورحمة.