للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قام الصحابة - رضي الله عنهم - في دعوتهم بحثِّ العقل وتحريك الجمود واستثارة الفكر لدى المشركين لإيصال الدعوة الإسلامية إلى قلوبهم، فمن هذه المواقف ما قام به معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح ومعهم شباب من الأنصار من طرح صنم عمرو بن الجموح في حفرة فيها عذرة الناس وربطه بكلب ميت، فما كان من ذلك إلا أن جعل عمرو بن الجموح يعمل على تحكيم عقله الذي كان غائباً عنه طوال حياته فيكتشف أنه لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره، فأسلم - رضي الله عنه -. وأيضاً تكسير عبدالله بن رواحة - رضي الله عنه - لصنم أبي الدرداء مما جعله يفكر في نفسه ويحرك جمود عقله مما أوضح له خطأ معتقده، فكان سبباً في معرفة الله وإسلامه.

وأيضاً عندما أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص - رضي الله عنه - إلى هدم سواع فكان عمرو بن العاص يقول: انتهيت إليه وعنده السادن فقال: ما تريد؟ قلت: هدم سواع، فقال: مالك وله؟! فقلت: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا تقدر، قلت: لِمَ؟ قال: يمتنع، قال عمرو: حتى الآن وأنت في الباطل؟! ويحك، هل يسمع أو يبصر؟ قال عمرو: فدنوت إليه فكسرته، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله (١).

فكان حث العقل لتحريك جمود الفكر في التفكُّر والتأمل وسيلة في دعوة المشركين وإيضاح محاسن الإسلام ونور الحقيقة وبيان مساوئ الكفر وظلمة الجهل.


(١) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٥٨٣.

<<  <   >  >>