للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وبهذا تكون هذه الأساليب موجهة إلى الحس الداخلي للأشخاص، فهو منشط للسلوك وموجه للأحكام التي يتخذها الشخص تجاه الأشخاص والجماعات والأفكار والأشياء" (١).

ومن هذا نجد أن العاطفة لها دور كبير وفعال في تصرفات البشر، وقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - عواطف البشر في مواضع عدة، فمنها العاطفة الأبوية لدى نبي الله نوح - عليه السلام - عندما نادى ابنه ليركب معهم في السفينة، قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} (٢).

يقول الإمام الشوكاني: "قيل: حملته شفقة الأبوة على ذلك" (٣)، أي على دعائه ابنه، وهو يعلم أنه كافر، ويقول ابن عاشور: "إن استخدام كلمة "يا بني" وهي تصغير لكلمة "ابن" هو تصغير شفقة ورحمة" (٤)، والشفقة هي من العاطفة التي جعلت نوحاً - عليه السلام - يخاف على ابنه من الغرق كافراً.

كذلك أم موسى - عليه السلام - فقد وصف الله - سبحانه وتعالى - عاطفتها على ولدها فقال تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٥)، "ففراغ الفؤاد هو الخوف والإشفاق" (٦)،


(١) معجم المصطلحات الحديثة، سمير سعيد حجازي، ص ٢١٩، (بتصرف).
(٢) سورة هود، الآية: ٤٢.
(٣) فتح القدير، الشوكاني، ٢/ ٣٦٣.
(٤) التحرير والتنوير، ابن عاشور، المجلد الخامس، الجزء الثاني عشر، ص ٧٦.
(٥) سورة القصص، الآية: ١٠.
(٦) التفسير الكبير، الرازي، المجلد الثاني عشر، الجزء الرابع والعشرون، ص ١٩٦.

<<  <   >  >>