للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا من العاطفة التي كادت أن تتسبب بالقيام بفعل وهو قوله تعالى: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}، "أي كانت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لتظهر أنه ذهب لها ولد" (١).

وقد ظهرت عاطفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاة ابنه إبراهيم، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سيف القين وكان ظفراً لإبراهيم - عليه السلام - فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: وأنت يا رسول الله؟ فقال: (يا ابن عوف إنها رحمة (، ثم أتبعها بأخرى فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ((٢)، فعاطفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - برزت هنا لتدلل على أن الإسلام دين رحمة وعاطفة، وأنها مقبولة في مناسبتها ووقتها.

إن استخدام الأسلوب العاطفي في الدعوة هو من الأساليب المهمة للداعي لتأثيره في الناحية الذهنية للمدعو مما يستثير المدعو لإصدار الأحكام والقيام بسلوك معين، فمتى وظَّف الداعي هذا الجانب التوظيف الصحيح والأمثل بما يوافق الأخلاق الإسلامية كان لهذا الأسلوب تأثير أكبر وأقوى من الأسلوب العقلي.


(١) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ١٠/ ٤٤٥.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنا بك لمحزونون (، رقم ١٣٠٣، ص ٢٠٨.

<<  <   >  >>