للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الأول: شعور النفس بالكمال، وهو الأقوى، فإن الكمال محبوب وإدراكه لذيذ، وتندفع هذه اللذة إذا علم الممدوح أن المادح كاذب.

السبب الثاني: أن المدح يدل على أن قلب المادح مملوك للممدوح، وملك القلوب محبوب، والشعور بحصوله لذيذ، وتذهب هذه اللذة إذا كان يعلم أن المادح لا يعتقد ما يقول.

السبب الثالث: أن ثناء المُثني ومدح المادح سبب لاصطياد قلب كل من يسمعه، وهذا مختص بثناء يقع على الملأ، فإن كان على انفراد تسقط هذه اللذة.

السبب الرابع: أن المدح يدل على حشمة الممدوح، واضطرار المادح إلى إطلاق اللسان بالمدح سواء عن طوع أو عن قهر، فإن الحشمة لذيذة لما فيها من القهر والقدرة، وتبطل هذه اللذة إن كان ذلك عن طريق اللعب وليس عن طريق الخوف.

ولأن النفوس تحب المدح؛ فإن استخدامه كأسلوب من أساليب الدعوة من خلال المدح المباح لمخاطبة مشاعر وعواطف المدعوين، له تأثيرٌ في كسر الحدة والجفوة، وفيه فتح باب للحوار والنقاش وعرض الإسلام؛ لأن النفوس تكون قد اطمأنت وذهب عنها روعها، وأمنت للداعي إذا سمعت الثناء والمدح، يقول الإمام النووي: "إن كان يحصل بذلك -المدح- مصلحة كنشطة للخير والازدياد منه أو الدوام عليه والاقتداء به، كان مستحباً والله أعلم" (١).


(١) شرح صحيح مسلم، النووي، المجلد الثاني، الجزء الثامن عشر، رقم ٣٠٠٠، ص ٤١٧.

<<  <   >  >>