للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك في السرية التي بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بها إلى اليمن في ثلاثمائة فارس حيث كانت هي أول خيل دخلت تلك البلاد، فلما لقيهم جمع من مذحج دعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم فانهزموا وتفرقوا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الإسلام فسارعوا وأجابوا (١)، فهؤلاء القوم لم يسلموا إلا بالقوة، وبعد أن رأوا بأعينهم واقع الحال وقوة المسلمين.

ب) في الجيوش التي أرسلها الخليفة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لنشر الإسلام استخدام للقوة، وقد أوصى قادة الجيوش بوصيته المشهورة والتي قال فيها: "عليكم بتقوى الله، اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، فإن الله ناصر دينه، ولا تغلُّوا ولا تمثِّلوا، ولا تجبنوا ولا تفسدوا في الأرض، ولا تعصوا ما تؤمرون، فإذا لقيتم العدو من المشركين إن شاء الله فادعوهم إلى ثلاث خصال، فإن أجابوكم فاقبلوا منهم وكُفُّوا عنهم، ادعوهم إلى الإسلام، فإن أجابوكم فاقبلوا منهم وكُفُّوا عنهم ... وإن هم أبوا فاستعينوا بالله عليهم وقاتلوهم إن شاء الله" (٢)، وفي هذا دعوة لتبليغ الإسلام بالقوة دون ظلم أو ابتداء أو إفساد في الأرض، وهذه هي أخلاق الإسلام، وهو في هذه الوصية مُتَّبع لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية والتي وردت في صحيح مسلم من حديث بريدة الأسلمي - رضي الله عنه - (٣).


(١) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٧١٠.
(٢) الأموال، ابن زنجويه، ٢/ ٤٧٨.
(٣) انظر: صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، رقم ٤٥٢٢، ص ٧٦٨.

<<  <   >  >>