للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عمرو بن لحي هو أول من أدخل الأوثان إلى جزيرة العرب، قال ابن الجوزي في "المنتظم": "هو أول من غير دين الحنيفية دين إبراهيم، وأول من نصب الأوثان حول الكعبة، وجعل البحيرة والسائبة والوصيلة والحام (١)، واستخرج إساف ونائلة (٢) فنصبها" (٣)، وقد انتشرت الوثنية بين العرب وأصبح لكل قبيلة وثن تعبده وتقدم القرابين له، وقبل ذلك كانت الوثنية موجودة بين الشعوب الأخرى، فمثلاً في الهند يذكر الشهرستاني أن فيها أصنافاً كثيرة من الأديان يرجعون آخر الأمر إلى عبادة الأصنام (٤)، وكذلك الشام التي أحضر منها عمرو بن لحي الأصنام، وكان أول صنم قدم به هو "هبل" (٥).

وبما أن الوثنيين هم من يتدين بعبادة الأوثان والتقرب إليها وجعلها آلهة من دون الله؛ حتى وإن لم يعترفوا بذلك كما ذكر الله - سبحانه وتعالى -: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٦)؛ فقولهم إن عبادتهم إنما


(١) هي أنعام تحرم ظهورها وأوبارها ولحومها وألبانها ولا ينتفع بها، وذلك عند العرب المشركين قرباناً للآلهة، (انظر: جامع البيان، الطبري، ٤/ ٧٣٦ - ٧٣٧).
(٢) إساف ونائلة وثنان كانا على الصفا والمروة، وضعهما عمرو بن لحي، وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة، وزعموا أنهما كانا من جرهم: إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل تعاشقا ففجرا في الكعبة فمسخا حجرين، وقيل: لا بل كانا صنمين جاء بهما عمرو بن لحي فوضعهما على الصفا، (انظر: الملل والنحل، الشهرستاني، ٢/ ٢١٧).
(٣) المنتظم في تواريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، ٢/ ٣١.
(٤) انظر: الملل والنحل، الشهرستاني، ٢/ ٢٤٣.
(٥) انظر: المنتظم في تواريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، ٢/ ٣١.
(٦) سورة الزمر، الآية: ٣.

<<  <   >  >>