للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي تقرب إلى الله - عز وجل - إنما ذلك من باب الأعذار الواهية، فكل من دعا نبياً أو ولياً أو ملكاً أو جنياً أو صرف له شيئاً من العبادة فقد اتخذه إلهاً من دون الله (١)، ومن ذلك ما قام به قوم نوح - عليه السلام - من قبل، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد. أما ود: فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: فكانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير لآل ذي الكلاع. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبدت" (٢). وكما ذكر الله - سبحانه وتعالى - من أن مشركي العرب كانوا يعوذون بالجن، قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (٣). وفي ذلك يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن - رحمه الله -: "ما كان عبادة لله فصرفه لغير الله شرك في العبادة؛ فمن صرف شيئاً من هذه العبادات لغير الله جعله شريكاً لله في عبادته" (٤).

والوثنيون يؤمنون بتوحيد الربوبية إلا أنهم ينكرون توحيد الألوهية، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٥).


(١) انظر: فتح المجيد، عبدالرحمن بن حسن، ص ٢٤٢.
(٢) صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة نوح، رقم ٤٩٢٠، ص ٨٧٥.
(٣) سورة الجن، الآية: ٦.
(٤) فتح المجيد، عبدالرحمن بن حسن، ص ١٦٢.
(٥) سورة العنكبوت، الآية: ٦١.

<<  <   >  >>